شاء الله، فلا أنساب بينهم عند ذلك ولا يتساءلون. ثمَّ في النفخةِ الآخرةِ ﴿وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ﴾ [الصَّافات: ٢٧].
وأما قوله: ﴿مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: ٢٣]، فإن الله يغفرُ لأهلِ الإخلاصِ ذنوبهم، وقال المشركون: تعالوا نقول: لم نكن مشركين، فختم على أفواههم، فتنطق أيديهم، فعند ذلك عُرِفَ أنَّ الله لا يُكتَمُ حديثًا، وعنده ﴿يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾ الآية (١) [النساء: ٤٢].
وخَلَقَ الأرضَ في يومين، ثمَّ خلقَ السَّماءِ، ثمَّ استوى إلى السَّماء فسواهنَّ في يومين آخرين، ثمَّ دحا الأرضَ، ودَحْوُها: أن أخرجَ منها الماء والمرعى، وخلقَ الجبالَ والجِمالَ والآكام وما بينهما في يومين آخرين، فذلك قوله: ﴿دَحَاهَا﴾، وقوله: ﴿خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ﴾، فجُعلتِ الأرضُ وما فيها من شيءٍ في أربعةِ أيَّامٍ، وخُلِقَتِ السماواتُ في يومينِ.
﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا﴾ سمَّى نفسَه ذلك، وذلكَ قولُه؛ أي: لم يزل كذلك، فإنَّ الله لم يُرِدْ شيئًا إلاَّ أصابَ به الذي أرادَ، فلا يختلفْ عليك القرآنُ، فإنَّ كلًّا من عند الله» (٢).
وقد يكونُ المشكلُ في فهم المعنى المرادِ، وقد يكونُ في غير المعنى؛ أي أنَّه يكونُ في التَّفسيرِ، وفي المسائلِ المتعلِّقةِ بالتَّفسيرِ، وقد يكونُ الإشكالُ في آيةٍ، أو في جمع آيةٍ مع غيرِها، كما في الأثر الواردِ آنفًا عن حَبْرِ الأُمَّةِ ابن عبَّاسٍ (ت: ٦٨).
* ويظهرُ أنَّ سببَ الكتابةِ في مشكل القرآن مَوجَةٌ من الزَّندقةِ التي
_________
(١) تمام الآية: ﴿يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾ [النساء: ٤٢].
(٢) ينظر: فتح الباري، طـ: الريان (٨: ٤١٨).