موسى عليه السلام: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ [القصص: ١٤].
٣ - ما اختلفَ بتقديمٍ أو تأخيرٍ:
ومثالُ ذلكَ قوله تعالى: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾ [الأنعام: ٣٢]، وقوله تعالى: ﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ﴾ [العنكبوت: ٦٤].
وهناك غيرُها من أنواع الاشتباه التي يحكيها المؤلِّفونَ في هذا العلمِ؛ كالزيادة والحذفِ، وإبدال حرفِ مكانَ حرفٍ، وإبدالِ كلمةٍ مكانَ كلمةٍ، ومجيء اللفظِ منكَّرًا في آيةٍ ومعرَّفًا في أخرى، ومجيئه مجموعًا في آيةٍ ومفردًا في أخرى، ومجيئه مشدَّدًا في آيةٍ وغيرَ مشدَّدٍ في أخرى... إلخ.
وإذا تأمَّلتَ الأمثلةَ المذكورةَ تبيَّنَ لك أنَّ هذه الكتبَ تشتملُ على أمثلةٍ من النَّوعينِ الأوَّلينِ، فالتكرارُ الواردُ في القرآنِ، واختلافُ التعبيرِ عن الحدث الواحدِ مما اعترضَ عليه الزَّنادقةُ الملحدونَ (١).
والمثالُ الواردُ في التقديمِ والتأخيرِ يحكيه المصنِّفونَ في المتشابِه على الحفَّاظِ (٢).
وهذا العلمُ من العلومِ الصَّعبَةِ التي تتطلَّبُ طولَ تفكُّرٍ، ودقَّةَ نظرٍ، ويدخلُها التَّكلُّفُ؛ لأنَّ طلبَ المناسبةِ بين الآيات التي يقع فيها التَّشابُه لا يتأتَّى بيسرٍ وسهولةٍ؛ لذا لن تَعدمَ من وجودِ أمثلةٍ لا تقنعُ بالحلِّ المذكورِ لها عند من كتبَ في هذا العلمِ، ومن أمثلةِ ذلكَ:
_________
(١) ينظر على سبيل المثال: تأويل مشكل القرآن (ص: ٢٣٢) وما بعدها.
(٢) ينظر مثلاً: متشابه القرآن العظيم، لابن المنادي (ص: ٨٨)، التوضيحات الجلية شرح المنظومة السخاوي في متشابه الآيات القرآنية (ص: ٥٣).