ومن ثَمَّ، فطريقتُهم في هذا العلمِ أن يكونَ للَّفظِ القرآنيِّ أكثرُ من معنى في سياقاتِه في النَّصِّ القرآنيِّ، فيذكرُونها أوجُهًا لهذا اللَّفظِ.
والآيات التي تَرِدُ في أحد الأوجه هي النظائرُ؛ لأنَّ معنى اللَّفظِ في هذه الآية، نظيرُ معناه في الآيةِ الأخرى.
ومن أمثلةِ ذلك:
قال مقاتل (ت: ١٥٠): «تفسيرُ أرساها على وجهين:
فوجه منها أرساها؛ يعني: أثبتها، فذلك قوله في النازعات: ﴿وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا﴾ [النازعات: ٣٢]؛ يعني: أثبت بها الأرضين؛ لئلاّ تزول بمن عليها.
كقوله: ﴿وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ﴾ [سبأ: ١٣]؛ يعني: ثابتاتٍ.
كقولِه: ﴿وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ﴾ [ق: ٧]؛ يعني: الجبالَ؛ لتُثبِّتَ الأرضين.
والوجه الثاني: مرساها؛ يعني: حينها، فذلك قوله في الأعرافِ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا﴾ [الأعراف: ١٨٧]؛ يعني: متى حينُها؟
نظيرها في النازِعات: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا﴾ [النازعات: ٤٢]؛ يعني: متى حينها؟»
(١).
تحليلُ هذا المثال:
جعل مقاتل بن سليمان (ت: ١٥٠) الأوجه: المعاني المتعددة للفظِ
_________
(١) الأشباه والنظائر، لمقاتل بن سليمان (ص: ٢١٣)، وقد زاد هارونُ وجهًا ثالثًا (ص: ٢١٤)، وذكرها يحيى بن سلام كما عند مقاتل (ص: ٢٧٥)، ولم يذكر لفظ: «نظيرها»، وجعل الآية التي استشهد بها هارون للوجه الثالث من الوجه الثاني الذي ذكره مقاتل.


الصفحة التالية
Icon