الأول: أن يكون الاستثناء صحيحاً، وتكون السورة كلها نزلت بمكة أو بالمدينة، ثم أضيف إليها الآية.
الثاني: أن يكون الرسول صلّى الله عليه وسلّم قرأ الآية المكية في حدث مدني، فتوهم الصحابي أنها نزلت آنئذ، فحكم بمدنيتها، إذ ليس كل الصحابة يعلم جميع النازل من القرآن، ولا مكان نزوله أو وقته.
الثالث: أن يكون دخول الحدث المدني في آية مكية بوحي نزل عليه، فيتلوا الآية المكية آنئذ، فيتوهم الصحابي أنها نزلت في هذا الحدث.
والفرق بينه وبين الذي قبله: أن الأول من فعله صلّى الله عليه وسلّم مباشرة، والثاني بوحي نزل عليه.
وإليك تطبيق ذلك على بعض الآيات:
١ - قال مقاتل (ت١٥٠هـ): «سورة الأنفال مدنية كلها غير آية واحدة ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [٣٠]» (١).
إذا رجعت إلى هذه الآية التي في سورة الأنفال وجدت أن السورة تتحدث عن أحداثٍ تتعلق بغزوة بدر، وهذا الحدث الذي تتحدث عنه الآية كان بمكة، لما تآمر الكفار على قتل الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فأنجاه الله منهم، فالآية تذكير بهذا الحدث، لذا صُدِّرت بلفظ (وإذ) الدال على وقوع الحدث قبل الآية.
ولربما لما كان الحدث مكيّاً توهم مقاتل أنه هذه الآية مكية.
ولربما أنه اعتمد على ما روي عن مجاهد وعكرمة في هذه الآية من أنها مكية، فحكم بذلك، فقد روى الطبري (ت٣١٠هـ) بسنده عن ابن جريج (ت١٥٠هـ)، قال: «عن عكرمة، قوله: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الأنفال: ٣٠] قال: هذه مكية.
قال ابن جريج: قال مجاهد: هذه مكية»
(٢).
_________
(١) تفسير مقاتل، تحقيق الدكتور عبد الله شحاته (٢: ٩٧)؛ وينظر: الإتقان (١: ٣٩).
(٢) ينظر: تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (١٣: ٥٠٢).


الصفحة التالية
Icon