عقل، ولا خبر بخصوص ذلك، ولا برهان يجب التسليم له بخصوص، فهو على عمومه كما عمَّه» (١).
ب ـ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب:
إذا قيل في آية: إنها نزلت في كذا، فهذا لا يعني أنها تُقصر على هذا السبب، بل المراد هنا الألفاظ، ولذا تعمَّم هذه الألفاظ وإن كان السبب خاصّاً (٢). [٩٩]
مثال قوله تعالى: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ﴾ [الكوثر: ٣].
قيل: نزلت في العاص بن وائل السهمي.
وقيل: نزلت في عقبة بن أبي معيط.
وقيل: نزلت في جماعة من قريش.
قال ابن جرير الطبري: «وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذِكْرُه أخبر أن مبغض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هو الأقل الأذل المنقطع عقبه، فذلك صفة كل من أبغضه من الناس، وإن كانت الآية نزلت في شخص بعينه» (٣).
مثال: قوله تعالى: ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ﴾... [البقرة: ١٩].
قال الشنقيطي: «والآية التي نحن بصددها وإن كانت في المنافقين، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص الأسباب» (٤). [١٠٠]
* * *
_________
(١) «تفسير الطبري» (٣٠/ ١٩٦).
(٢) سبق ذِكْرُ قول المفسرين (نزلت هذه الآية في كذا) أنه من باب المثال، فقد يرد في الآية أكثر من سبب نزول، فيحتمل أن يكون أحدها هو السبب المباشر لنزول الآية، وما عداه فهو من باب المثال، أو يكون للآية أكثر من سبب مباشر لنزولها.
(٣) «تفسير الطبري» (٣٠/ ٣٣٠).
(٤) «أضواء البيان» (١/ ١١٣).


الصفحة التالية
Icon