٢ - ما يتعلق بالسياق القرآني
إن النظر في سياق الآية من حيث سباقها ولحاقها يعين على تعيين القول الراجح، وقد اهتم كثير من المفسرين بالسياق في ترجيح أحد الأقوال أو ردها لمخالفتها السياق، وقد يكون اللفظ عامّاً محتملاً لأكثر من معنى فيحدد بالسياق أحد هذه المعاني؛ لأنه أولى به وأقرب إليه، مع أن غيره من الأقوال محتمل.
مثال: قوله تعالى: ﴿عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٧].
ففي تأويل: ﴿مَا كَتَبَ اللَّهُ﴾ قيل: هو الولد.
وقيل: ليلة القدر.
وقيل: ما أحله الله لكم ورخص لكم.
قال ابن جرير الطبري:
«والصواب من القول في تأويل ذلك عندي أن يقال: إن الله تعالى ذِكْرُه قال: ﴿وَابْتَغُوا﴾ يعني: اطلبوا ما كتب الله لكم، يعني الذي قضى الله تعالى لكم، وإنما يريد الله تعالى ذِكْرُه: اطلبوا الذي كتبت لكم في اللوح المحفوظ أنه يباح فيطلق لكم، وطلب الولد إن طلبه الرجل بجماعه المرأة مما كتب الله له في اللوح المحفوظ، وكذلك إن طلب ليلة القدر، فهو مما كتب الله له، وكذلك إن طلب ما أحل الله وأباحه، فهو مما كتبه في اللوح المحفوظ.
وقد يدخل في قوله: ﴿وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ جميع معاني الخير المطلوبة، غير أن أشبه المعاني بظاهر الآية قول من قال معناه: وابتغوا ما