٧ - أن يدور حكم الآية بين العموم والخصوص (١):
ومثاله: قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ﴾ [البقرة: ٢٢١].
قيل: هذه الآية حكمها عام، ثم خصَّصها قوله تعالى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ [المائدة: ٥]، هذا مروي عن عثمان، وحذيفة، وجابر، وابن عباس، وقتادة، وابن جبير.
وقيل: إنها ليست مخصَّصة، بل المشركات هنَّ عابدات الأوثان من العرب وغيرهم ممن ليس لهم كتاب، وهذا مروي عن قتادة، وسعيد بن جبير (٢).
٨ - أن يذكر الوصف المحتمل لأكثر من موصوف:
ولا يحدد موصوفه في الآية، فيحمل كل مفسر هذا الوصف على ما يحتمله من الموصوفات.
_________
(١) مبحث العام والخاص من المباحث المهمة جداً، والدراسات التفسيرية فيه قليلة جداً، ويلاحظ أن مباحث العموم والخصوص قد تكن في الأحكام وفي الأخبار:
• ففي بيان الحكم المترتب على اللفظة، فيكون من باب الأحكام لا من باب بيان المعاني، مثل الأمثلة المذكورة في المتن.
• ومن الأخبار خلافهم في (الكوثر) من قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ [الكَوثَر: ١]، فذهب بعضهم إلى أن المراد به النهر الذي أعطاه الله نبيه صلّى الله عليه وسلّم، وهذا تفسير على الخاصِّ، وذهب آخرون إلى أنه فوعل من الكثرة، وهذا تفسير على العامِّ، أي: الخير الكثير، وعلى قولهم يكون النهر الذي ذكره الأولون مثالاً للخير، وليس هو كل الخير.
وبناءً على هذين التفسيرين يختلف المعنى عند حمل اللفظ على العموم (الخير الكثير)، أو حمله على الخصوص (النهر).
قال الطبري: حَدَّثَني يعقوب، قَالَ: ثني هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي الْكَوْثَرِ: «هُوَ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ».
قَالَ أبُو بِشْرٍ: فَقُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: فَإِنَّ نَاساً يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ، قَالَ: فَقَالَ سَعِيدٌ: النَّهْرُ الَّذِي فِي الْجَنَّةِ، مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي أَعْطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ».
(٢) انظر: «نواسخ القرآن» (٢٠٢/ ٢٠٤)؛ و «الناسخ والمنسوخ» لابن العربي (٢/ ٧٩ - ٨٣).


الصفحة التالية
Icon