اليهود (١) أرض فجحدني، فقدمته إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ألك بينة؟».
قلت: لا.
قال: فقال لليهودي: احلف.
قال: قلت: يا رسول الله إذًا يحلف ويذهب بمالي، فأنزل الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بَعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً﴾ إلى آخر الآية» (٢).
وأورد البخاري (ت: ٢٥٦) كذلك بسنده عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه أن رجلاً أقام سلعة ـ وهو في السوق ـ فحلف بالله: «لقد أُعطي بها ما لم يعط؛ ليوقع فيها رجلاً من المسلمين، فنَزلت ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بَعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً﴾» (٣).
ولا مانع من أن تكون الآية قد نزلت بشأن هذين الحدثين، فهي تصدق عليهما بلا ريب، وليس هناك ما يرجح أحدهما على الآخر، حتى لو كان في القصة الأولى صاحب الخبر؛ إذ لا يمتنع أن تكون حصلت تلك قبلها بقليل، ثمَّ حصلت قصته فنَزلت الآية بشأنهما أو العكس.
الاحتمال الثاني: أن تكون الآية نزلت مرتين، مرة لهذا السبب، ومرة لذلك السبب الآخر.
وهذا الاحتمال فيه ضعْفٌ، فهو لم يرد عن السلف، وإنما هو تخريج عقلي لورود الآثار بأكثر من سبب للآية الواحدة.
ودعوى نزول الآية مرتين له ما يبرِّره في بعض الآثار، خصوصًا إذا
_________
(١) في بعض الروايات لهذا الأثر: «بيني وبين ابن عمٍّ لي». وهي عند البخاري وغيره.
(٢) أخرجه البخاري في مواضع، منها الحديث برقم: (٢٥٢٣).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب ما يُكره من الحلف في البيع، رقم الحديث: (١٩٨٢).