فصل


(٨٥) وأما النوع الثاني من مستندي الاختلاف وهو ما يعلم بالاستدلال لا بالنقل، فهذا أكثر ما فيه الخطأ من جهتين ـ حدثتا بعد تفسير الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان؛ فإن التفاسير التي يذكر فيها كلام هؤلاء صرفًا لا يكاد يوجد فيها شيء من هاتين الجهتين مثل تفسير عبد الرزاق، ووكيع، وعبد بن حميد، وعبد الرحمن بن إبراهيم دُحيم، ومثل تفسير الإمام أحمد، وإسحاق بن راهويه، وبقي بن مخلد، وأبي بكر بن المنذر، وسفيان بن عيينة، وسنيد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبي سعيد الأشج، وأبي عبد الله بن ماجه، وابن مردويه ـ:
إحداهما: قوم اعتقدوا معاني، ثم أرادوا حمل ألفاظ القرآن عليها.
والثانية: قوم فسروا القرآن بمجرد ما يسوغ أن يريده بكلامه من كان من الناطقين بلغة العرب، من غير نظر إلى المتكلم بالقرآن، والمنزَل عليه والمخاطب به.
(٨٦) فالأولون رَاعَوا المعنى الذي رأوه (١) من غير نظر إلى ما تستحقه ألفاظ القرآن من الدلالة والبيان.
_________
(١) أي أنهم اعتقدوا رأيًّا؛ كالمعتزلة الذين يرون تخليد مرتكب الكبيرة، فهم يراعون هذا المعنى عند تفسيرهم للآيات الدالة على وقوع المعصية من المسلم التي توعَّد الله بها، فيحملون هذا الوعيد على التخليد في النار.


الصفحة التالية
Icon