التفسير، ولكن ما دام الشيخ ذكر أصل هذه المسألة هنا، فلا بأس من تفصيلها هنا، فأقول ـ والله المستعان ـ:
يمكن القول بأن البيان النبوي للقرآن على قسمين:
الأول: ما جاء من تفسير نبوي صريح لآية من الآيات، والمنقول عنه صلّى الله عليه وسلّم من هذا النوع قليلٌ جدًّا إذا ما قيس بعدد الآيات المفسَّرةِ إلى عدد آيات القرآن (١).
ومن أمثلة هذا النوع تفسيره لقوله تعالى: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ﴾ [الفاتحة: ٧]، أنَّ المغضوبَ عليهم اليهودُ، والضالين النصارى (٢).
ومن حمل البيان النبوي على هذا النوع، قال: إنَّ التفسير الوارد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قليلٌ، وهذا صحيح.
الثاني: عموم سنة الرسول صلّى الله عليه وسلّم القولية والفعلية والتقريرية، فإنَّ السنة شارحة للقرآن ومبينة له، ولا يخفى أنَّ البيان قد يكون لحكم شرعي، وقد يكون لخبر غيبي، وقد يكون لغير ذلك.
قال شيخ الإسلام (ت: ٧٢٨): «وقد قال تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [النساء: ٥٩]، وأوَّلُ النِّزاعِ النِّزاعُ في معاني القرآن، فإنْ لم يكنِ الرسول صلّى الله عليه وسلّم عالمًا بمعانيه امتنع الرجوع إليه.
وقد اتفق الصحابة والتابعون لهم بإحسان وسائر أئمة الدين أنَّ السنة
_________
(١) الكتابة في هذا النوع قليلة جدًّا، وقد ختم السيوطي كتاب الإتقان في علوم القرآن (٤: ٢١٤) بذكر ما ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم من التفاسير المصرح برفعها، كما جمع السيد إبراهيم أبو عمه في كتابه «الصحيح المسند من التفسير النبوي للقرآن الكريم» جملة من التفسيرات النبوية المباشرة، وقد أضافا جملة مما ورد في كلامه صلّى الله عليه وسلّم مما يصلح أن يكون تفسيرًا للآية، ومع ذلك، فإنهما لم يستوعبا.
(٢) أخرجه جماعة، منهم عبد الرزاق في تفسيره، وأحمد بن حنبل في مسنده، وابن جرير في تفسيره، وغيرهم.