المقصود، إذ اللفظ إنما يراد للمعنى» (١).
ثالثًا: قِلَّةُ النِّزاع بين الصحابة في التفسير:
المراد بالنِّزاع هنا مطلق الاختلاف، وليس النِّزاع المذموم، وقد وقع بين الصحابة اختلاف في الآيات، لكنه في أغلبه اختلاف تنوع كما سيذكر شيخ الإسلام لاحقًا، ولا شكَّ أنَّ من اطَّلع على المنقول عنهم في التفسير فإنه سيظهر له ما قرَّره شيخ الإسلام هنا من أنَّ اختلافهم في التفسير كان قليلاً، وكان أقل من اختلاف من جاء بعدهم.
ومن الملاحظ أنَّ شيخ الإسلام جعل هذا الكلام، وهو قلة النِّزاع نتيجةً لما سبق أن طرحه في مسألة البيان النبوي للقرآن، فقد صدَّر هذه المسألة بقوله: «ولهذا كان النِّزاع بين الصحابة في تفسير القرآن قليلاً جدًّا...».
وكأنه يقول: إنَّ اتِّحاد مصدر التَّلقي عندهم ـ وهو أخذهم التفسير عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم ـ جعل النِّزاع في التفسير قليلاً بينهم.
ذِكْرُ أمثلة للاختلاف الوارد عن الصحابة رضي الله عنهم:
١ - في تفسير قوله تعالى: ﴿وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا﴾ [العاديات: ١].
قال علي وابن مسعود: هي الإبل.
وقال ابن عباس: هي الخيل.
٢ - في قوله تعالى: ﴿وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾ [الماعون: ٧].
قال علي وابن عمر: الزكاة.
وقال ابن مسعود وابن عباس: عارية المتاع من الدلو والقِدْرِ ونحو ذلك.
_________
(١) الفتاوى (٥: ١٥٧).