لا يلزم أن يكون هو سبب النُّزول المباشر؛ لأنه ليس هناك حدث معين كي تنْزل الآية بسببه، والآية مكية، وفرض الأذان كان في المدينة مما يُبعِد أن تكون هذه الآية نزلت بسبب المؤذنين، وإن كانوا يدخلون في عمومها، والله أعلم.
وقد جعل بعض العلماء صيغة (نزلت في) من قبيل التفسير المسند؛ أي: المرفوع إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ كالإمام البخاري (ت: ٢٥٦) الذي يروي مثل هذه الصيغة بالإسناد، ولو لم تكن مرفوعة لاكتفى بتعليقها كما يعلِّق جملةً من التفسير المروي عن الصحابة والتابعين وتابعيهم. وأما كتب المسانيد فكما قال شيخ الإسلام (ت: ٧٢٨)، فهي لا تروي ما يأتي بهذه الصيغة إلا نادرًا.
أمثلة لصيغة (نزلت في) عند البخاري:
١ - قال البخاري: «باب قوله: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾ [الأنفال: ١].
قال ابن عباس: الأنفال: المغانم.
قال قتادة: ريحكم: الحرب.
يقال: نافلة: عطية.
حدثني محمد بن عبد الرحيم، حدثنا سعيد بن سليمان أخبرنا هشيم، أخبرنا أبو بشر عن سعيد بن جبير، قال: قلت لابن عباس: سورة الأنفال؟ قال: نزلت في بدر»
(١).
فإيراد هذه الرواية عن ابن عباس (ت: ٦٨) بالسند دليل على دخول مثل هذه الرواية في شرطه، وهو من رواية المرفوعات، بخلاف تفسير ابن عباس للأنفال حيث علَّق الرواية ولم يُسندها.
_________
(١) رواه البخاري في تفسير سورة الأنفال من كتاب التفسير.


الصفحة التالية
Icon