نصب على التمييز (١)، ﴿وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ نصب الشمس والقمر بإضمار فعل دل عليه، ﴿رَأَيْتُهُمْ﴾ ليعطف ما عمل فيه الفعل ما عمل فيه الفعل (٢)، والتقدير: ورأيت الشمس والقمر رأيتهم، وكنى عن الشمس والقمر بالهاء والميم وكذا بالياء والنون في ساجدين فإنما ذلك للخبر عنهم بفعل من يعقل، إذ السجود لا يكون إلا ممن يعقل (٣)، والهاء والميم مفعول أول، و ﴿سَاجِدِينَ﴾ مفعول ثانٍ، ﴿لِي﴾ متعلق بـ ﴿رَأَيْتُهُمْ﴾، وإن شئت جعلته متعلقا بـ ﴿سَاجِدِينَ﴾ وعليه المعنى (٤).
القولُ في القراءةِ:
قرأ ابن عامر (٥): "ياأبتَ" بفتح التاء في جميع القرآن، الباقون: بكسرها في جميع القرآن (٦) ﴿يَا أَبَتِ﴾ فمن فتح: فعلى قلب ياء النفس ألفا وحذفها لدلالة الفتحة عليها، ومن كسر: فعلى إرادة
_________
(١) الزجاج، مرجع سابق، ٣/ ٩٠. ابن الصائغ، مرجع سابق، ١/ ٤٣٧.
(٢) والظاهر أن هذه العبارة تكررت من الناسخ وقد يجبر التكرار أو السقط هكذا [ليعطف ما عمل فيه الفعل المذكور على ما عمل فيه الفعل المحذوف] والراجح لدي من توجيه الإمام الحوفي أن مذهبه منع عطف الجملة الإسمية على الجملة الفعلية وهذا مذهب ابن جني ولذلك قدر الفعل رأيت قبل الشمس والقمر على ما يفهم من"رأيتهم" التالية. ابن هشام، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، مرجع سابق، ص ٦٣٠.
(٣) الزجاج، مرجع سابق، ٣/ ٩١. النَّحَّاس، إعراب القرآن، مرجع سابق، ٢/ ١٩١ - ١٩٢ - ١٩٣.
(٤) سيبويه، مرجع سابق، ٢/ ٤٧. أبو منصور الثعالبي، عبد الملك بن محمد بن إسماعيل (ت: ٤٢٩ هـ)، فقه اللغة وسر العربية، ت: عبد الرزاق المهدي، ط ١، (إحياء التراث العربي، ١٤٢٢ هـ-٢٠٠٢ م) ١/ ٢٦٥.
(٥) ابن عامر أبو عمران عبد الله بن عامر اليحصبي على الأصح، إمام أهل الشام في القراءة، والذي انتهت إليه مشيخة الإقراء بها، (ت: ١١٨ هـ)، ابن الجزري، غاية النهاية في طبقات القراء، مرجع سابق، ١/ ٤٢٥.
(٦) ابن مجاهد، مرجع سابق، ص ٣٤٤. النحاس، إعراب القرآن، مرجع سابق، ٢/ ١٩٠. ابن خالويه، أبو عبد الله الحسين بن أحمد، (ت: ٣٧٠ هـ)، الحجة في القراءات السبع، ت: عبد العال سالم مكرم، ط ٤، (بيروت: دار الشروق، ١٤٠١ هـ)، ص ١٩١ - ١٩٢. الأزهري الهروي، أبو منصور محمد بن أحمد، (ت: ٣٧٠ هـ)، معاني القراءات، ط ١، (السعودية: مركز البحوث في كلية الآداب، جامعة الملك سعود، ١٤١٢ هـ-١٩٩١ م)، ٢/ ٤٦.


الصفحة التالية
Icon