قال امرؤ القيس (١):

فَلَمَّا أجَزْنَا سَاحَةَ الحَيِّ وانْتَحَى بِنا بَطْنُ خَبْتٍ ذِي قِفاف (٢)
عَقَنْقَل
المعنى: فلما أجزتك أحد الحي تنحى بنا، والوجه أن يكون الجواب محذوفا، لكن لا يزيد حرف في كتاب الله لا معنى له (٣)، ﴿وَجَاءُوا﴾ فعل وضمير فَاعِلِينَ، ﴿أَبَاهُمْ﴾ نصب بـ جاءوا وعلامة
_________
(١) امرؤ القيس بن حجر بن عمرو الكندىّ، وهو من أهل نجد، من الطبقة الأولى. وهذه الديار التى وصفها فى شعره كلّها ديار بنى أسد. وفاته كانت حوالي عام ٥٥٠ م. ابن قتيبة الدينوري، الشعر والشعراء، مرجع سابق، ١/ ١٠٧. وفاته كانت حوالي عام. الزركلي، مرجع سابق، ٢/ ١١.
(٢) البيت من معلقة امرئ القيس بن حجر الكندي فلمّا أجزْنا ساحَةَ الحيّ وانْتَحَى... بنا بطنُ خَبْتٍ ذي حِقَافٍ عقَنقَلِ (ذي حِقَافٍ) وليست ذِي قِفاف. امْرُؤُ القَيْس، بن حجر بن الحارث الكندي، من بني آكل المرار (ت: ٥٤٥ م)، ديوان امرِئ القيس، اعتنى به: عبد الرحمن المطاوي، ط ٢، (بيروت: دار المعرفة، ٤٢٥ هـ-٢٠٠٤ م)، ١/ ٣٩. والخبت: ما اطمأن من الأرض واتسع. والقفاف جمع قف والقف: ما ارتفع من الأرض وغلظ ولم يبلغ أن يكون جبلا. والعقنقل، كسفرجل: الوادي العظيم المتسع. التاج (خ ب ت، ق ف ف، ع ق ل). قال: أجزنا: قطعنا. والساحة: الفناء. والخبت: أرض مطمئنة. والحقف من الرمل: المعوج، والجمع حقاف، ويروى " ركام " أي بعضه فوق بعض. وعقنقل: متعقد متداخل بعضه في بعض. والبيت شاهد على أن الواو في قوله: " وانتحى ": مقحمة، يريد: فلما أجزنا ساحة الحي انتحى. وهي نظير الواو في قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَاجُوجُ وَمَاجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (٩٦) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ﴾ سورة الأنبياء، الآية: (٩٦) - (٩٧). الواو في ﴿وَاقْتَرَبَ﴾: مقحمة. والفعل جواب للشرط " ﴿حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ﴾ ". قال الفراء، أبو زكريا يحيى بن زياد (ت: ٢٠٧ هـ)، معاني القرآن، ت: أحمد يوسف نجاتى/محمدعلى نجار/عبدالفتاح إسماعيل شلبى، (مصر: دار المصرية للتأليف والترجمة) (الورقة ٣٠٦ من مصورة الجامعة رقم ٢٤٠٥٩): وقولُهُ: ﴿وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ﴾ معناه والله أعلم، حتى إذا فتحت اقترب، ودخول الواو في الجواب في ﴿حَتَّى إِذَا﴾ بمنزلة قوله: " ﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ﴾ ". وفي قراءة عبد الله ﴿فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ﴾. وفي قراءتنا بغير واو.. ومثله في الصفات ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنَادَيْنَاهُ﴾ معناها: "ناديناه". وقال امرؤ القيس:
" فَلَمَّا أجَزْنَا البيت " يريد "انْتَحَى". ابن جرير، مرجع سابق، ٩/ ١٤٢.
(٣) الزركشي، أبو عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر (ت: ٧٩٤ هـ)، البرهان في علوم القرآن، ت: محمد أبو الفضل إبراهيم، ط ١، (دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه، ١٣٧٦ هـ-١٩٥٧ م)، ٣/ ٧٢. ابن عرفة، أبو عبد الله محمد بن محمد الورغمي التونسي المالكي، (ت: ٨٠٣ هـ)، تفسير الإمام ابن عرفة، ت: د. حسن المناعي، ط ١ (تونس: مركز البحوث بالكلية الزيتونية، ١٩٨٦ م)، ٣/ ٣٣١. ابن ملّا، عبد القادر حويش السيد محمود آل غازي العاني (ت: ١٣٩٨ هـ)، بيان المعاني، ط ١، (دمشق: مطبعة الترقي، ١٣٨٢ هـ-١٩٦٥ م، ٣/ ٣٩٢.


الصفحة التالية
Icon