وينشد (١):

تشكوا إليَّ جَمَلي طُولَ السُّرَى صَبْرٌ جَمِيلٌ، وكِلانَا مُبْتَلَى (٢)
﴿وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ ابتداء وخبر، و ﴿عَلَى﴾ متعلقة بـ مُسْتَعَانُ، و ﴿مَا﴾ بمعنى الذي، وإن شئت كانت و ﴿تصِفُونَ﴾ مصدرا (٣)، أي: على وصفكم، ﴿سَيَّارَةٌ﴾ رفع بـ جاءت، والفاء جواب مجيئهم، ﴿وَارِدَهُمْ﴾ نصب بـ أرسلوا، ﴿فَأَدْلَى﴾ ﴿دَلْوَهُ﴾ نصب بـ أدلى،
_________
(١) ونسبه السيرافي في شرح أبيات سيبويه، ١/ ٣١٧ لملبد بن حرملة. وهو ملبد بن حرملة الشيبانيّ: شجاع من كبار الثوار في صدر أيام العباسيين. خرج في أيام المنصور ومعه نحو ألف فارس فاستولى على ناحية الجزيرة. واستفحل أمره، فسير المنصور لقتاله جيوشا متتابعة انهزمت كلها. ثم وجه إليه خازم بن خزيمة في ثمانية آلاف مقاتل، فثبت لهم ملبد ثباتا عجيبا حتى كاد يهزمهم، فرشقوه بالنشاب فقتلوه مع جمع كبير من أصحابه (١٣٨ هـ = ٧٥٥ م)، الكامل لابن الأثير أبي الحسن عز الدين ٥: ١٨٠، ١٨١ والطبري ٩: ١٧٠ ولم ينسبا أباه، ولعله (حرملة بن إياس) ت بين سنتي ١٠٠ و ١١٠ وكان من رجال الحديث، له ترجمة موجزة في تهذيب التهذيب ٢: ٢٢٨. الزركلي، مرجع سابق، ٧/ ٢٨٧. لكن تعقبه الغندجاني في " فرحة الأديب " ص ١٧٩ - ١٨٠، فقال: ليس بيت الكتاب للملبد بن حرملة الشيباني، إنما سئل أبو عبيدة عن قائله فقال: هو لبعض السواقين ابن الوزير، أبو عبد الله، عز الدين محمد بن إبراهيم بن علي بن المرتضى بن المفضل الحسني القاسمي، (ت: ٨٤٠ هـ)، العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم، حققه وضبط نصه، وخرج أحاديثه، وعلّق عليه: شعيب الأرنؤوط، ط ٣، (بيروت: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، ١٤١٥ هـ-١٩٩٤ م)، ٥/ ١٠٤.... بتصرف. والله أعلم بالصواب.
(٢) كذا في الأصل"تشكوا" بالتاء وألف الجمع ولعل الصواب"يشكو" وكذلك "فكلانا" ولعل الصواب "وكلانا" لثبوتهما في المراجع من بحر الرجز. سيبويه، مرجع سابق، ١/ ٦٤. أبو عبيدة، معمر بن المثنى التيمى البصري (ت: ٢٠٩ هـ)، مجاز القرآن، ت: محمد فواد سزكَين، (القاهرة: مكتبة الخانجى، ١٣٨١ هـ)، ١/ ٣٠٣. ابن قتيبة الدينوري، تأويل مشكل القرآن، ت: إبراهيم شمس الدين، (بيروت: دار الكتب العلمية، ٢٠٠٧ م)، ١/ ٧١. الفراء، مرجع سابق، ٢/ ٥٤. قال السَّمين: يجوزُ أن يكون مبتدأً وخبره محذوف، أي: صبرٌ جميلٌ أمثلُ بي. ويجوزُ أن يكونَ خبرًا محذوفَ المبتدإ، أي: أمري صبرٌ جميلٌ. ثمَّ ذكرَ قولَ الشَّاعرِ: يشكو إليَّ جَمَلي طُولَ السُّرَى صبرٌ جميلٌ فكِلانا مُبْتَلَى. وقالَ: يحتمل أن يكون مبتدأً أو خبرًا كما تقدَّم ثُمَّ أشارَ إلى قراءةٍ شاذَّةٍ في الآيةِ الكريمة، وهي: (فصبرًا جميلاً)، وتُخرَّجُ علَى أنَّ (صبرًا) منصوبٌ على المصدرِ، أي أنَّه مفعولٌ مطلقٌ لفعلٍ محذوفٍ، والتقديرُ: اصبري يا نفسُ صبرًا. ثُمَّ قالَ: (ورُوي البيتُ أيضًا بالرفع والنَّصب علَى ما تقدَّم، والأمرُ فيه ظاهرٌ) مرجع سابق، ٦/ ٤٥٨. انتهى.
(٣) النحاس، إعراب القرآن، مرجع سابق، ٢/ ١٩٢.


الصفحة التالية
Icon