غيابة الجب. وقولُهُ: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ﴾ أي: أوحينا إلى يوسف لتخبرن أخوتك (١) بفعلهم هذا الذي فعلوه بك، وهم لا يعلمون لا يدرون. واختلف أهل التأويل في المعنى الذي عناه الله بقوله: ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ فقال بعضهم: عني بذلك أن الله أوحى إلى يوسف سَيُنَبِّئُ إخوته بفعلهم به ما فعلوه من إلقائه في الجب وبيعهم إياه وسائر ما صنعوا به من صنيعهم (٢)، وإخوته لا يشعرون بوحي الله إليه بذلك (٣)،
قال مجاهد: وهو معنى قول ابن زيد، وقال آخرون: معنى ذلك وأوحينا إلى يوسف بما إخوته صانعون به، وإخوته لا يشعرون بإعلام الله إياه بذلك (٤)، وهو معنى قول قتادة، وقال آخرون: بل معنى ذلك أن يوسف سينبئهم بصنيعهم به، وهم لا يشعرون إنه يوسف (٥)، وهو قول ابن جريج (٦)، ومعنى قول ابن عباس، وقد قال لهم لما جاؤوا، فقالوا: ﴿مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ﴾، فأجابهم بأن قال: ﴿هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ﴾ (٧)، فأعلمهم بما وعده الله وهم لا يعلمون أنه يوسف،
_________
(١) ابن جرير، مرجع سابق، ١٣/ ٣١. ابن أبي حاتم، مرجع سابق، ٧/ ٢١٠٩.
(٢) عبدالرزاق، مرجع سابق، ١/ ٣١٨.
(٣) الزجاج، مرجع سابق، ٣/ ٩٥. الثعلبي، مرجع سابق، ٥/ ٢٠١. القيسي، الهداية إلى بلوغ النهاية، مرجع سابق، ٥/ ٣٥١٦..
(٤) ابن جرير، مرجع سابق، ١٥/ ٥٧٦. البغوي، مرجع سابق، ٢/ ٤٧٩.
(٥) ابن جرير، مرجع سابق، ١٣/ ٣٣. الماوردي، أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البري البغدادي، (ت: ٤٥٠ هـ)، تفسير الماوردي=النكت والعيون، ت: السيد بن عبد المقصود بن عبد الرحيم، (بيروت: دار الكتب العلمية)، ٣/ ١٤.
(٦) أبو الوليد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وأبو خالد (٨٠ - ١٥٠ هـ) ـ، فقيه الحرم المكيّ، وهو أول من صنف التصانيف في العلم بمكة، مكي المولد. ابن سعد، مرجع سابق، ٦/ ٣٨، ٣٧. ابن حبان بن معاذ بن مَعْبدَ، التميمي، (ت: ٣٥٤ هـ)، الثقات، (الهند: دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد، الدكن، ١٣٩٣ هـ‍١٩٧٣ م)، ٧/ ٩٣.
(٧) السمرقندي، مرجع سابق، ٢/ ٢٠٨. الثعلبي، مرجع سابق، ٥/ ٢٥٤. البغوي، مرجع سابق، ٢/ ٥١٢.


الصفحة التالية
Icon