مكذوب (١) كما قالوا ماله معقول أي: عقل، وسماه الله كذباً، لأن الذين جاءوا بالقميص وهو فيه كذبوا فيه، وقالوا ليعقوب: هو دم يوسف، ولم يكن بدمه، وإنما كان دم سخلة (٢) فيما قيل، قاله مجاهد وابن عباس، قال: ذبحوا جديا من الغنم، ثم لطخوا القميص بدمه، ثم أقبلوا إلى أبيهم، فقال يعقوب: إن كان هذا الذئب لرحيماً كيف أكل لحمه، ولم يخرق قميصه (٣)؟ يا بني، يا يوسف ما فعل بك بنو الإماء (٤). فإن قيل كيف قيل بدم كذب، وهو دم لايشك فيه وإن لم يكن دم يوسف؟ قيل في ذلك وجهان (٥)،
أحدهما: أن يكون قيل بدم كذب لأنه كذب فيه، كما يقال الليلة الهلاك، وكما قال: فما ربحت تجارتهم، والآخر: أن يكون مصدرا بمعنى مفعول (٦)، وتأويله: وجاءوا على قميصه بدم مكذوب، كما يقال: ماله عقل ولا معقول، ولا له جلد ولا مجلود، والعرب تفعل ذلك (٧)،
_________
(١) الماوردي، مرجع سابق، ٣/ ١٥. السمعاني أبو المظفر، منصور بن محمد بن عبد الجبار ابن أحمد المروزى التميمي الحنفي ثم الشافعي (ت: ٤٨٩ هـ)، تفسير القرآن، ت: ياسر بن إبراهيم وغنيم بن عباس بن غنيم، ط ١، (الرياض: دار الوطن، ١٤١٨ هـ-١٩٩٧ م)، ٣/ ١٥.
(٢) عبدالرزاق، مرجع سابق، ١/ ٣١٨ عن ابن عباس. ابن جرير، مرجع سابق، ١٣/ ٣٥. ابن أبي حاتم، مرجع سابق، ٧/ ٢١١١.
(٣) ابن جرير، مرجع سابق، بلفظ (لخرق قميصه)، ١٣/ ٣٨. ابن أبي حاتم، المرجع السابق. فائدة: في القميص ثلاث آيات: حين جاؤوا عليه بدم كذب، حين قد من دبر، وحين ألقي على وجه أبيه فارتد بصيراً. وهذا يؤكد أن القميص له شأن في هذه القصة "لم يذكر لفظ القميص في كتاب الله -تعالى-إلا في هذه السورة، والغريب أنه ذكر فيها في ستة مواضع، من مواضع القصة المهمة، الأمر الذي يخيل إلينا أن القميص ركن من أركان هذه القصة. نصر والهلالي، مرجع سابق، ١/ ٢٥٣.
(٤) ابن جرير، مرجع سابق، ١٣/ ٣٦.
(٥) ابن جرير، مرجع سابق، ١٣/ ٣٨. الماوردي، مرجع سابق، ٣/ ١٥. ابن جزي، مرجع سابق، ١/ ٣٨٣..
(٦) الزجاج، مرجع سابق، ٣/ ٩٦. ابن جرير، مرجع سابق، ١٥/ ١١. الجرجاني، دَرْجُ الدُّرر في تَفِسيِر الآيِ والسُّوَر، دراسة وتحقيق: (الفاتحة والبقرة) وَليد بِن أحمد بن صَالِح الحُسَيْن، (وشاركه في بقية الأجزاء): إياد عبد اللطيف القيسي، ط ١، (بريطانيا: مجلة الحكمة، ١٤٢٩ هـ-٢٠٠٨ م، مرجع سابق، ٣/ ٩٩٤.
(٧) الماتريدي، مرجع سابق، ٦/ ٢١٩. ابن جرير، مرجع سابق، ١٣/ ٣٨.