فعل ترج مشبه بكان (١)، كما قيل: عَسَى الْغُوَيْرُ أَبْؤُسًا (٢)
، و ﴿أَنْ﴾ في موضع رفع بـ ﴿عَسَى﴾، وأَنْ يلزمها لتدل على الاستقبال، ﴿أَوْ نَتَّخِذَهُ﴾ عطف على ﴿يَنْفَعَنَا﴾، ﴿وَلَدًا﴾ مفعول ثان، والهاء مفعول أول، ﴿وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ﴾ ووجه التشبيه بالتمكين له في الأرض شبيها بالتوفيق الذي أصاره إليه بالنجاة من الهلاك والإخراج إلى أجل حالٍ، ﴿لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ﴾ يتعلق حرفا الجر بمكناه (٣)، ﴿وَلِنُعَلِّمَهُ﴾ لام كي متعلقة بما دل عليه معنى الكلام (٤)، بتقدير: دبرنا ذلك لنمكنه في الأرض، ﴿وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَاوِيلِ الْأَحَادِيثِ﴾، و ﴿مِنْ﴾ متعلقة بـ نعلمه، {وَاللَّهُ غَالِبٌ
_________
(١) صافي، مرجع سابق، ١٢/ ٤٠٢، ٤٠١. درويش، مرجع سابق، ٤/ ٤٦٩. الخراط، مرجع سابق، ٢/ ٤٩٦.
(٢) ابن سلاّم، أبو عُبيد القاسم بن عبد الله الهروي البغدادي (ت: ٢٢٤ هـ)، الأمثال، ت: الدكتور عبد المجيد قطامش، ط ١، (دار المأمون للتراث، ١٤٠٠ هـ-١٩٨٠ م)، ١/ ٣٠٠. ابن مهران العسكري، أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى (ت: نحو ٣٩٥ هـ) جمهرة الأمثال، (بيروت: دار الفكر)، ٢/ ٥١. ابن رفاعة، أبو الخير الهاشمي زيد بن عبد الله بن مسعود، (ت: بعد ٤٠٠ هـ): الأمثال، ط ١، (دمشق: دار سعد الدين، ١٤٢٣ هـ)، ١/ ٧١. وَمعنى الْمثل: لَعَلَّ الشَّرّ يَاتِي من قبل الغوير. البغدادي، خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، مرجع سابق، ٩/ ٣٢٠. الغُوَيْر: تصغير غَارٍ، والأبؤس: جمع بُؤْس، وهو الشدة. وأصل هذا المثل فيما يُقَال من قول الزبَّاء حين قَالت لقومها عند رجوع قَصير من العراقَ ومعه الرجال وبات بالغُوَير على طريقه "عَسَى الْغُوَيْرُ أَبْؤُسًا" أي لعل الشرَّ يأتيكم من قبل الغار. وجاء رجل إلى عمر رضي الله عنه يحمل لَقِيطاً فَقَال عمر "عَسَى الْغُوَيْرُ أَبْؤُسًا" قَال ابن الأعرابي: إنما عَرَّض بالرجل، أي لعلك صاحب هذا اللقيط، قَال: ونصب "أبؤسا" على معنى عَسَى الْغُوَيْرُ يصير أبؤسا، ويجوز أن يقدَّر عَسَى الْغُوَيْرُ أن يكون أبؤسا، وقَال أبو علي الفارسي (ت: ٣٧٧ هـ) جعل عسى بمعنى كان، ونزلهُ منزلته. يضرب للرجل يُقَال له: لعلَّ الشرَّ جاء من قبلك. الميداني، أبو الفضل أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري (ت: ٥١٨ هـ)، مجمع الأمثال، ت: محمد محيى الدين عبد الحميد، (بيروت: دار المعرفة)، ٢/ ١٧..
(٣) كذا في الأصل والصواب "بمكنا" للنص القرآني والله تعالى أعلم.
(٤) الفراهيدي، الجمل في النحو، ت: د. فخر الدين قباوة، ط ٥، (القاهرة: مؤسسة الرسالة، ١٤١٦ هـ-١٩٩٥ م)، ١/ ٢٦٩ - ٢٧٠. العكبري، اللباب في علوم الكتاب، ت: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض، ط ١، (لبنان: دار الكتب العلمية، ١٤١٩ هـ-١٩٩٨ م)، ٢/ ٤٦. الزمخشري، المفصل في صنعة الإعراب، ت: د. علي بو ملحم، ط ١، (بيروت: مكتبة الهلال، ١٩٩٣ م)، ١/ ٣٢٥.