والآثار، والمراد بالطائفة قطعة مستقلة أو آيات مخصوصة منه فلا يراد آية الكرسي لأنها غير مستقلة إذ هي بعض من سورة البقرة وآية واحدة أيضا، ودفعه بأنّ المراد بالترجمة أنها مسماة بالسورة ضعفه غنيّ عن البيان، وإنما جعل القرآن سورا لأنه أسهلى للحفظ وأ نشط.
وقال الشريف قدس سره: الفاتحة مصدر كالكاذبة بمعنى الكذب، ثم أطلق على أوّل الشيء تسمية للمفعول بالمصدر لأنّ الفتح يتعلق به أوّلاً، ثم بواسطته يتعلق بالمجموع، فهو المفتوح الأوّل، وهذا بالنسبة للمقروء، والمكتوب مطلقاً، فقول بعض المتصلفين من أهل العصر أنه إنما يتحقق في المكتوب إذا كان كالطومار من خمود الفكر وجموده، وقيل: الفاتحة صفة جعلت اسماً لأوّل الشيء إذ به يتعلق الفتح مجموعه، كالباعث على الفتح فالتاء علامة للنقل من الوصفية إلى الإسمية، وقيل: للمبالغة ولا اختصاص لها بزنة علامة كما توهم، وهذا أقرب لقلة فاعلة في المصادر قيل، ولم يجعل آلة، وأن أطلق عليها فاعل كالقاطع والقاتل لأنّ الآلة لا تتصف بالفعل، وهذه متلبسة بالفتح، ولا باعثاً لأنه لا يقارن الفعل، وهذه قارنت الفتح، وفيه أنه إن ادّعى كلية ما ذكر، فليس كذلك فإنّ الصبغ آلة للصباغ يصبغ أيضاً، وفي نحو قعدت عن الحرب جبناً الجبن باعث على القعود، ، وهو مقارن وإن ادّعى الأغلبية لم يفد لأنه يقال له هذا من غير الغالب، اللهمّ إلا أن يقال كفى بالندرة باعثاً على الترك أو المراد أنه لا يقصد اتصافها به، وما ذكر لا يعد باعثا مع أنّ جعل بعض القرآن آلة غير مناسب لإيهام أنه غير مقصود منه وحيسئذ يتمّ هذا وجهاً، والحاصل أنه مفتوح من جهة، وفاتح من أخرى، فنظر كل فريق إلى جانب، وجوّز أن يكون للنسبة أي ذات فتح مع وجوه أخرى مرجوحة لم نكثر بها السواد، ثم قال: الكتاب بمعنى المكتوب والمصحف يطلق على المجموع وعلى جزئه وعلى المشترك بينه وبين أجزائه، وفاتحة الكتاب صارت علما بالغلبة لهذه السورة، فالفاتحة علم آخر، والألف واللام عوض عن الإضافة وفيه نظر، وذكر بعضهم أنّ هذه الإضافة بمعنى
من لأنّ أوّل الشيء بعضه، ورد بأن البعض يراد به الجزئي كزيد للإنسان، والجزء كاليد لزيد
واضافة الأوّل بيانية بمعنى من، وإضافة الثاني على معنى اللام وليس الكتاب جنسا شاملاً هنا
لأنّ فتح الفاتحة بالقياس إلى المجموع لا إلى الكل الذي هو القدر المشترك، فإن قيل في
الكشاف أن معنى إضافة اللهو إلى الحديث التبيين، وهي الإضافة بمعنى من أي من يشتري
اللهو من الحديث، فبين اللهو بالحديث لأنه قد يكون من الحديث، وقد يكون من غيره
والمراد بالحديث المنكر كما ورد) الحديث في المسجد يأكل الحسنات ") ١ (ويجوز أن تكون
الإضافة بمعنى من التبعيضية، كأنه قيل: ومن الناس من يشتري بعض الحديث الذي اللهو منه،
فعلى التقدير الثاني إن أريد بالحديث مطلقه كان جنسا للهو صادقا عليه، كما يطلق عليه
الحديث المنكر، فتكون الإضافة بيانية لا مقابلة لها وإت أريد العموم والاستغراق، كان لهو
الحديث جزأ منه، فقد ثبت أنّ إضافة الجزء إلى كله بمعنى من التبعيضية وإن لم تكن مشهورة
قيل الظاهر أنّ المراد مطلق الحديث، لكن العلامة دقق النظر في إضافة الشيء إلى ما هو
صادق عليه، فإن حسن فيه جعل المضاف إليه بياناً وتمييزاً للمضاف كالساج للباب، والحديث
المنكر للهو جعلها بيانية، وان لم يحسن ذلك فيه كالحديث المطلق للهو جعلها تبعيضية ميلاً
إلى جانب المعنى. أقول هذا ردّ لما في الكشاف تبع فيه الشارح المحقق، وليس بوارد عليه
وما ذكره المدقق مخالف لكلام قدماء النحاة كشرّاح الكتاب، ومن حذا حذوهم، فإن إضافة
نحو يذ زيد على معنى اللام، وقال قوم منهم كابن كيسان والسيرافي: إن إضافة ما هو جزء من
المضاف إليه بمعنى من التبعيضية، واستدلوا عليه بفصله عن الإضافة بمن كقوله:
كأنّ على الكتفين منه إذا انتحى ~ مداك عروس أو صلاية حنظل
وهو شائع كما فصله أبو حيان في شرح التسهيل، ومنهم من ذهب إلى أنّ من المقذرة
في الإضافة مطلقا تبعيضية من غير فرق بين الجزء والجزئي، كما في لمع ابن جني وشرحه
للثمانين، وعبارته: إن كان الأوّل جزأ من الثاني كانت الإضافة بمعنى من نحو باب ساج، ودار
آجرّ وجبة صوف، وتقديره باب من ساح ودار من آجرّ


الصفحة التالية
Icon