مكرر أصلاً لأنه يفسر بمعان مختلفة وما توهم من أنه لو تكرّر نزولها كانت أربع عشرة آية توهم باطل ومعنى قوله إن صح الخ إن صح مجموع هذين الأمرين لأنه لا تردّد في نزولها بمكة ولذا قيل لو قال إن صح أنها نزلت بالمدينة لما حوّلت القبلة وقد صح الخ كان أوضح وأخصر، وقد علم مما مرّ أنّ في تكرّر النزول مذاهب. قوله: (وقد صح أنها مكية الخ) هذا قول ابن عباس وأكثر الصحابة والمفسرين والمراد بكونها مكية أنها نزلت بمكة لأنه أشهر معانيه كما سيأني وقيل: إنه لم يقل نزلت بمكة لأنه ليس بصدد إثبات ما في الشرطية بل بصدد بيان كون السورة مكية باصطلاح المفسرين وأمّا القول بأنها مدنية وهو قول مجاهد فقد قيل إنه هفوة منه والقول بأنّ بعضها مكي وبعضها مدنيّ في غاية الضعف، وكون المراد بالسبع المثاني في الحجر الفاتحة عليه أكثر المفسرين، وقد ورد التفسير به مسندا إلى النبي ﷺ في صحيح البخاري وقيل هي السبع الطوال وقيل الحواميم وقيل غير ذلك، فإن قيل اسمها السبع المثاني والواقع في الآية سبعا من المثاني فلم جعلت عين المثاني قيل من في الآية بيانية فمؤداهما واحد لأن الجار والمجرور صفة والمعنى سبعاً هي المثاني مع أنّ كونها مثاني مخصوصة لا ينافي كونها بعضا من مطلق المثاني وكونها مكية
بالنص على ما في بعض النسخ وقد سقط من بعضها، وأورد عليه أنّ المكية والمدنية إنما يعلم من الصحابة والتابعين لا بالنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه أمر لم يؤمر به ولا يلزم بيانه؟ " ضاسخ والمنسوخ كما نقله في الإتقان، وفيه أنه لا مانع من نقله عنه عليه الصلاة والسلام كان يقول بمكة أو بالمدينة بملا من الصحابة (أنزل علئ اليوم أو الساعة كذا) ثم ينقل ذلك عنه عليه الصلاة والسلام وقد وقع مثله وقيل المراد بالنص هنا نص العلماء أي تصريحهم بأنها مكية فهو بالمعنى اللغوي، والنص له معان منها اللفظ المفيد لمعنى لا يحتل غيره ويقابله الظاهر، ومنها ما يقابل القياس والإجماع والاستنباط فيراد به أدلة الكتاب والسنة، ويطلق في الفروع على ما يقابل التخريج أي القول المأخوذ من النعى، كما قاله ابن أبي شريف رحمه الله، وقيل إنه هنا بمعناه المتعارف، فإنّ ما قبلها وما بعدها إلى آخر السورة في حق أهل مكة، وظاهر أن الله لم يمن على النبي ﷺ بإتيانه السبع المثاني بمكة ثم نزلها بالمدينة، وما قيل عليه من أنه لا بعد في الإمتنان بما هو محقق الوقوع قبل وقوعه لبيان شأنه، وقد وقع قوله. ﴿إِنَّا فَتَحْنَا﴾ [الفتح: ا، الآية والمجاز المتعارف يساوي الحقيقة في جواز الإرادة فلا يعترض عليه بأنّ الأصل الحقيقة سقوطه في غاية الظهور لأنه لا يدفع الظهور، وأمّا بعد صلاة النبي ﷺ بمكة بضع عشرة سنة بلا فاتحة الكتاب، وفرض الصلاة كان بمكة ففيه أنه أمر ظني مستقل في إثبات مكيتها خارج عن الاستدلال بالآية والكلام فيه، وقيل المراد بالنص صريح النقل عن الصحابة لأنه ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما، وكلام الصحابة فيما لا اجتهاد فيه له حكم المرفوع، فلذا أطلق عليه النص، وبما ذكرناه علم حال ما قيل من أنا لا نسلم أنّ المراد بالسبع المثاني في الآية الفاتحة للاختلاف في تفسيرها وكون آتيناك فيها من قبل، ونادى أصحاب الجنة، وأنه لو سلم لا ينافي نزولها مرة أخرى بالمدينة ولا يخفى عليك أنّ كون ما قبلها، وما بعدها في حق أهل مكة إنما يكون مؤيداً على القول بأنّ المكي ما كان في حق أهل مكة، والمشهور خلافه، وكون سورة الحجر نزلت بمكة بعد الفتح لم يقل به أحد، وفيه نظر، وفي الوجيزأنّ ترتيب السور، ووضع الشملة في أوّلها بوحي له عليه الصلاة والسلام، ولو كان من الصحابة لكان بحسب النزول، ولا خلاف في ترتيب الآيات، وقال ابن عطية: إن زيدا رضي الله عنه لما جمع القرآن في المرة الأولى جمعه غير مرتب السور، ونقل عن القاضي أن ترتيب السور اليوم من تلقاء زيد رضي الله عنه مع مشاركة عثمان رضي الله عنه، ومن معه في المرة الثانية، وذكر نحوه مكي أيضا والصحيح أنه بوحي له عليه الصلاة والسلام في العرضة الأخيرة.

بسم الله الرحمن الرحيم

ويقال لمن قال بسم الله الرحمن الرحيم: بسمل بالنحت كحمدل وحوقل، وهو كثير في
كلام العرب إلا أنه قيل إن بسمل لغة مولدة لم تسمع من النبيّ لمجيرو، ولا من فصحاء العرب والمشهور خلافه، وقد أثبتها


الصفحة التالية
Icon