الشامل للإفراد وأنه مفيد للقصر عنده، وقيل إنه يحتمله ويحتمل ما ذهب إليه العلامة وقيل إنه أراد أنها للاستغراق والذي غرّة لفظ الخصوصيات، وقد مرّ بيانها حتى قيل إنها هنا ليس لها وجه ظاهر (واعلم) أنهم أطبقوا على أنّ الألف واللام حرف تعريف هنا مع أن الداخلة على اسم الفاعل موصولة عند الجمهور، وهذا إذا لم تكن للعهد، أمّا إذا كانت له كما في قولك جاءني ضارب، فأكرمت الضارب فلا كلام في حرفيتها، ولا خلاف فيه كما في أكثر نسخ
الرضي، ولا يسمع إنكاره كما في بعض شروح المغني فكأنه لأنّ المراد الثبات على الفلاح، فهو حينثذ مما غلب عليه الاسمية أو ألحق بالصفة المشبهة، وتخريجه على مذهب المازتي بعيد، وما ذكر صرح به المبرد في الكامل كما بيناه في نكت المغني. قوله: (تنبيه تأمّل إلخ) التنبيه مصدر نبهه من نومه إذا أيقظه، وهو في اصطلاح المصنفين ترجمة كالمسئلة لما يعلم مما قبله لا بطريق التصريح أو لما يدرك بأدنى إشارة والتفات إليه حتى كأنه مما غفل عنه، وهو إمّا معرب خبر مبتدأ مقدّر ونحوه أو ساكن موقوف غير معرب كالأسماء المعدودة لأنه لم يقصد تركيبه، وتاقل أمر من التأمّل يقال تأمّلت الشيء إذا تدبرته، وهو إعادتك النظر فيه مرّة بعد أخرى حتى تعرفه وقوله كيف نبه كيف في الأصل للاستفهام عن الأحوال، فيقال: كيف زيد أي على أيّ حال، وقال الأستاذ ابن كمال قد تكون كيف أسما للحال من غير معنى السؤال فتجرّد لجزء معناها وهو المراد هنا، ومنه ما حكاه قطرب عن بعض العرب انظر إلى كيف تصنع أي إلى حال صنعك اهـ. ويتجوّز بها أيضاً عن التعجب كقوله ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٨] وقد يقال إنه المراد هنا أي ما أحسن ما نبه فتكون معمولة لنبه مقدّمة عليه باقية على صدارتها، وقد جوّز بعض النحاة في أمثاله خروجه عن الصدارة، فهو حينئذ معمول لتأمّل ولذا قيل معناه تأمّل كيفية تنبيه الله تعالى، فانسلخ عنها معنى الاستفهام للظرفية، أو هي مفعول به كما وقعت مضافا إليها في قول البخاري رحمه الله باب كيف كان بدء الوحي، وعبارة الكشاف، فانظر كيف فقال قدس سرّه: لما كان النظر وسيلة إلى العلم كان متضمنا لمعناه فجاز إيقاعه على الإستفهام، وكذا التأمّل هنا أنه معلق هنا كما يعلق العلم إلا أنه تسمح في العبارة، وقوله بنيل متعلق باختصاص، من وجوه متعلق بنيل، وشتى بمعنى متفرّقة مفرد أو جمع شتيت والوجوه أربعة: الأول منها متعلق بالجملتين والباقي مختص بالجملة الثانية، وقيل كلها متعلقة بالجملة الثانية، ويصح في قوله بناء الجرّ والرفع والنصب، وافادة اسم الإشارة للتعليل بدخول الصفات فيه كما مرّ وبناء الخبر على الصفة ونحوها قد يشعر بالعلية، والإيجاز بدلالتها على ما فصل قبلها ويفيد أيضاً الاختصاص وقوله وتكريره معطوف على بناء، ويجوز في هذا أن يكون مشتركا أيضاً لأنّ التكرير يكون بمعنى مجموع الذكرين أيضاً كما يكون للثاني والأوّل وقد سبق تفصيله، وتعريف الخبر الدال على الحصر أو المبالغة بجعلهم عين الحقيقة، وتوسيط الفصل الدال على الحصر أو التأكيد. قوله: (لإظهار قدرهم) تعليل للتعريف والتوسيط، وقدر بسكون الدال وهو اكثر وتفتح، وهو الموازن لأثرهم الواقع في أكثر النسخ وفي بعضها آثارهم بالجمع والمراد بالقدر شرفهم وأصله مقدار الشيء ومبلغه قال في المصباح: قدر الشيء ساكن الدال والفتح لغة سبلغه يقا اط: هذا قدر هذا وقدره أي مماثله ويقال ما له عندي قدر، ولا قدر أي حرمة ووقار اهـ والاقتفاء الإتباع والاقتداء. وقوله: (في اقتفاء) متعلق
بالترغيب، أو بقوله نبه وما قبل هذا بالنسبة إليهم أنفسهم وهذا بالنسبة إلى غيرهم، وبقي هنا أمور أخر تعلم مما مرّ كالتمكن واضافة التشريف والترغيب بذكر ما يرغب فيه من الهدى والظفر. قوله: (وقد تشبث به الوعيدية إلخ) أي تمسكوا واستدلوا بما في هذه الآية كما سيأتي بيانه إلاً أنه تمسك ضعيف جدا، ولذا عبر بالتشبث بالمثناة والشين المعجمة والموحدة والثاء المثلثة وحقيقه التعلق مع ضعف، ولذا قيل للعنكبوت شبث فهو استعارة يشير إلى أنه أوهن من بيت العنكبوت، وضمير به لما ذكر من الآيات أو لقوله ﴿أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ وقيل للاختصاص، وفيل للإخباو بنيل ما ذكر، والوعيدية نسبة إلى الوعيد لتمسكهم بظاهر آيات الوعيد، والأحاديث الواردة فيه على خلود الفساق في النار، وهذه العبارة في غاية الإيجاز لدلالتها على سبب التسمية، وشمولها للمعتزلة والخوارج