التشبيه وإذا كان خبرا فقال في المفصل تقديمه على سبيل الوجوب، وفي إيضاح ابن الحاجب الظاهر أنه مما التزم فيه التقديم لأنه لم يسمع خلافه مع كثرته وسرّه ما فهم من المبالغة في معنى الاسنواء حتى فعلوا ما ذكرنا. من التعبير، فناسب تقديمه تنبيها على المبالغة، وقول أبي عليّ: سواء مبتدا لأنّ الجملة لا تكون مبتدأ مردود فأن
المعنى سواء عليهم الاستغفار وعدمه، وبأنه كان يلزم عود ضمير إليه ولا ضمير يعود في هذا الباب كله اهـ. وما قيل من أنه لا يحتاج إلى رابط لأنّ الجملة عين المبتدأ قيل إنه لا وجه له لأنه مخصوص بضمير الشأن كما في كتب العربية وليس كذلك، فإنهم صرّحوا بسماعه في غيره كقوله تعالى ﴿وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ﴾ [يس: ٣٧] وسيأتي فيه كلام في سورة يس إن شاء الله تعالى. قوله: (رفع بأنه خبر إنّ إلخ) هذا أحد الوجوه في مثل هذا التركيب وتقديمه يوذن بترجيحه.
وقد اعترض عليه أبو حيان بأنّ فيه وقوع الجملة فاعلاً والجمهور على أنّ الفاعل لا يكون إلاً اسماً مفردا، وستسمع ما يدفعه عن قريب ومن الناس من لم يتنبه له فجزم بوروده. وقوله في هذا الوجه مستو وفي الثاني سيان إشارة إلى أنّ حقه في الأوّل الإفراد وأن يؤوّل بمشتق، وفي الثاني التثنية إلا أنها تركت لأنه في الأصل لا يثنى ولا يجمع، ولذا قالوا إنّ العرب لم تثنه اسنغناء بثنية سيان عنه إلاً شذوذاً، وفي قول المصنف سيان إيماء إليه وهمزة سواء مبدلة من ياء وأصله سواي. قوله: (والفعل إنما يمتنع إلخ) شروع في دفع ما أورد على ما ذكر وهو أمور.
الأوّل أنّ الفعل لا يكون مخبراً عنه.
الثاني أنه مبطل لصدارة الإستفهام.
الثالث أنّ الهمزة وأم موضوعان لأحد الأمرين، وسواء وكل ما يدل على الاستواء لا
يسند إلاً إلى متعدد، فلذا يقال استوى وجوده وعدمه ولا يصح أن يقال أو عدمه.
ولذا اختار الرضي وجها رابعاً وقال الذي يظهر لي أنّ سواء في مثله خبر مبتدأ محذوف تقديره الأمران سواء ثم بين الأمرين بقوله أقمت أم قعدت كما في قوله ﴿فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاء عَلَيْكُمْ﴾ [الطور: ٦ ا] أي الأمران سواء عليكم، وسواء لا يثنى ولا يجمع وكأنه في الأصل مصدر اهـ. فقوله والفعل إلخ جواب عن الأوّل، ولو بدل الإخبار بالإسناد وقال: يمتنع الإسناد إليه كان أحسن ليدفع ما يرد على ما قبله أيضا لكنه خصه لأنّ الكلام فيه، وكون الفاعل مثله يعلم بالمقايسة أيضاً واليه يشير قوله بعد هذا والإسناد إليه وقيل عليه المخبر عنه الجملة لا الفعل وحده، واعتذر له بأن جعل الفعل مع فاعله المضمر فرلأتسمح شائع، ولا حاجة إليه لأنّ الاخباو في الحقيقة عن الفعل المقيد بالفاعل فهو قيد للمسند إليه لا جزء منه فإن قلت: على تقدير كون سواء خبراً كيف صح تقديمه مع التباسه بالفاعل قلت: قد صرّج النحاة بتخصيصه بالخبر الفعلي نحو زيد قام دون الصفة فإذا لم يمتنع في صريح الصفة فعدم امتناعه هنا أولى على كلام فيه سيأتي قي محله. وقوله: (تمام ما وضع له إلخ) تمام ما وضع له
هو الحدث والزمان، والنسبة إلى شيء مّا وهو الفاعل، وأمّا نفس الفاعل فلا يدلّ عليه وضعاً، فما قيل تمام ما وضع له مجموع ثلاثة أمور معنى المصدر وذات الفاعل وزمان مخصوص من الأزمنة الثلاثة غفلة عما حقق في الرسالة الوضعية وإطلاقه بمعنى استعماله وهو أعم من الوضع، والمراد بمطلق الحدث الحدث المجرّد عن الزمان لا الحدث الغير المنسوب إلى فاعل، فلا يرد عليه ما قيل من أنّ المراد في قوله تسمع بالمعيدي، وفي قوله يوم ينفع ليس مطلق السمع والنفع بل سماعك ونفع الصدق وهو وهم ظاهر، وإذا لم يرد تمام معناه فإمّا أن يراد جزؤه وهو مدلوله الضمني المشار إليه بقوله ضمناً أو معنى آخر لم يوضع له، وهو لفظه سواء جرد عن المعنى نحو زعموا مطية الكذب أو لا كما في ﴿قُولُوا آمَنَّا﴾ [البقرة: ١٣٦] فإنّ المراد هذا اللفظ المراد معناه، وكون اللفظ لم يوضعلنفسه كما هو ظاهر كلام المصنف أو وضع له بوضع غير قصدّي مشهور، وقد مرّ في آخر الفاتحة، والمراد من الوضع إذا أطلق القصديّ فلا يرد عليه شيء على هذا أيضاً، والاتساع كالتوسع المراد به التجوّز، وهو أعم منه لأنه ة د يتوسع في بعض الألفاظ بنحو تقديم وتأخير من غير تجوّز، وكون الفعل في الإضافة بمعنى المصدر صرّح به النحاة وهو مراد المصنف قال ابن السراج في كتاب الأصول: القياس أن لا يضاف اسم إلى فعل ولكن العرب اتسعت في بعض المواضمع، فخصت أسماء الزمان بالإضافة إلى الأفعال لأنّ الزمان مضارع للفعل، لأنّ الفعل