بتخصيص الإيمان بهما التعريض بعدم الإيمان بغيرهما من رسالة خاتم الرسل صتى ألله عليه وسلم وما بلغه ولذا سماه كفراً، ومن خلط فيه أنهم مع إثبات الصانع يصفونه بما هو منزه عنه لم يصب لأنه يوّل بالآخرة لما قبله، وهذا حينئذ لو قصد حقيقتة لم يكن إيمانا لأنه لا بد من الإقرار بنبوّته ﷺ وإبطال ما كانوا عليه فكيف، وهو مخادعة وتلبيس منهم. وقوله: (وعقيدتهم عقيدتهم إلخ) جملة حالية أي معروفة مشهورة كقوله شعري شعري وجوز نصب الأوّل عطفا على اسم أنّ والظاهر الأوّل، وتمويه بمعنى تلبيس وإظهار لما لا حقيقة له من قولهم موهت الشيء إذا طليته بماء الذهب أو الفضة، وقول مموّه أي مزخرف ممزوج من الحق والباطل. قوله: (وفي تكرير الباء إلخ) يعني أنهءررل عن الظاهر، وهو عدم إعادة الجار إذ! عطف على اسم ظاهر مثله، وهو الأظهر الأخصر، لأنهم لمخادعتهم وتلبيسهم أظهروا أنّ إيمانهم إيمان تفصيليّ مؤكد قوي، لأنّ إعادة العامل تقتضي أن متعلقه كالمعد، كما قاله سيبوبه في نحو مررت بزيد وبعمرو، فيفيد ما ذكر وهو ظاهر. قوله: (والقول إلخ) هو في الأصل مصدر كما أشار إليه المصنف رحمه الله بقوله التلفظ، وأمّا تخصيصه بالمفيد، فهو أحد الأقوال في مسماه لغة فإن أريد بها مطلق الإفادة
يكون بمعنى الموضوع احترازا عن المهمل كدير فلا يسمى قولا وإن سمي لفظاً فالقول أعم منه، وهذا ما اختاره ابن مالك رحمه الله، فيعمّ الكلام والكلمة والكلم، وان أريد الفائدة التامّة أي ما شانه ذلك فهو احتراز عن الكلمة والمركب الناقص فلا يسمى مثله قولا وقد صرّح به الحوفي في تفسيره وقال: القول حقيقة المركب المفيد وإطلاقه على المفرد والمركب الذي لا يفيد مجاز مشهور، وقال ابن معطي: إنه حقيقة في المفرد واطلاقه على المركب مجاز، وقيل حقيقته المركب مطلقاً أفاد أم لم يفد وهو مجاز في غيره وقيل إنه مرادف للفظ حقيقة فيعمّ الموضوع مركباً ومفردا، والمهمل كما حكاه أبو حيان في شرح التسهيل، وقال الرضي: القول والكلام واللفظ من حيث أصل اللغة بمعنى يطلق على كل حرف من حروف المعاني والمباني وعلى ما هو كثر منه مفيدا كان أو لا لكن القول اشتهر في المفيد بخلاف اللفظ، واشتهر الكلام في المركب، من جزأين فصاعدا فالأقوال خمسة، ثم تجوّز به عن المقول كالخلق بمعنى المخلوق مجازا اشتهر حتى صار حقيقة عرفية، فلا يرد على المصنف أنّ قوله وللرأي والمذهب مجا أايفهم منه أنّ ما قبله حقيقة، وتفسيره له بالتلفظ يخالفه، وهذا إن جعل قيدا لما عنده، فإن جعل قيداً لما يعد يقال فلا قيل ولا قال ويستعمل في المعنى المتصوّر في الذهن المعبر عنه باللفظ، وهو المسمى بالكلام النفسيّ في عرف الناس، وبه فسر قوله تعالى ﴿يَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ﴾ [المجادلة: ٨] وقد صرّح بعض أهك الكلام بأنّ إطلاق الكلام والقول على النفسيّ حقيقة وان خالفهم فيه كثير، وأوّله بعضهم ويطلق على الرأي والمذهب فيقال قال: بكذا إذا ذهب إليه، والرأي قريب من المذهب وقد يفرق بينهما بأنّ الرأي أعتم من المذهب، لأنه يكون في الشرعيات فقط، وأصله مكان الذهاب أو نفس الذهاب، ثم نقل عرفا لمعناه المشهور، واطلاقه على الرأي مجاز علاقته السببية، لأنه سبب لإظهاره والإعلام به كما قاله ابن أبان. قوله: (والمراد باليوم الآخر إلخ) هو على الأوّل من الحشر إلى ما شاء الله وسماه آخراً لأنه ليس بعده يوم آخر كما قال ابن شبل في رائيته المشهورة في صفة الدنيا: فمن يوم بلا أمس ليوم بغيرغد إليه مايسار
يعني بالأوّل يوم الولادة وبالثاني يوم الموت، أو لتأخره عن الأيام المنقضية من أيام الدنيا، وفي قوله إلى ما لا ينتهي تسامح مشهور كما في قولهم إلى ما شاء الله، فسقط ما قيل من أنّ ما لا ينتهي ليس نهاية اليوم الآخر فالواضح أن يقول ما لا ينتهي من وقت الحشر والأمر فيه سهل، وعلى الثاني هو من وقت الحشر إلى مستقر أهله وسمي آخراً لأنه آخر وقت له حد وطرفان، لأنّ أيام الدنيا محدودة، لأنّ اليوم عرفا من طلوع الشمس إلى غروبها، وشرعا من طلوع الفجر إلى الغروب، وعند المنجمين من نصف النهار إلى نصف الليل، ويكون اليوم بمعنى مطلق المدّة، ويوم الحشر له ابتداء وانتهاء، فهو محدود أيضا كما قال تعالى ﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ﴾ [الحج: ٤٧] وما بعده مما لا يتناهى، وهو المسمى بالأبد المطلق. قوله: " نكار ما اذعوه إلخ) هو قولهم


الصفحة التالية
Icon