#الصحيحة فيهما فلا يرد عليه أنّ القراءة إنما هي بالرأي ومقتضى العقل وحسن الظن بالسلف يدفع
لال في تقرير قوله خدعوا أنفسهم: أنه على طريقة تحديث كل منهما صاحبه بالأحاديث، فيجرّدون من
لغير ويخاطبونهم كقول المتنبي:
فليسعد النطق إن لم يسعد الحال
والفرق بين هذا وبين الالتفات قد مرّ، وقد قيل: إنّ قراءة يخادعون مبنية على التجريد
من الجانبين، وهذه مبنية عليه من جانب واحد، وقال قدس سرّه: إنه تكلف بارد والمراد بالباقين من بقي من القرّاء السبعة غير من ذكر أوّلا وما عدا القراءتين شاذ. قوله: (وقرىء يخدّعون من خذّع إلخ) أي قرىء يخدعون بتشديد الدال مع ضم الياء وفتح الخاء، ويخدعون بفتح الياء والخاء وتشديد الدال مع الكسر وكلاهما على البناء للفاعل، ويخدعون من الاخداع، ويخادعون كلاهما على البناء للمفعول والتشديد لأنه افتعال وأصله يختدعون بنقل حركة الدال، وادغامها في التاء لقرب مخرجهما، واختدع جاء عن العرب متعديا كما في الأساس وغيره يقال خدعه، واختدعه إذا ختله فانخدع وما قيل على هذا من أنه ينبغي أن يكون النصب بنزع الخافض إلا إن ثبت اختدع بمعنى خدع من عدم الوقوف عليه، وفي محتسب ابن جني والبحر قراءة المجهول لابن شدّاد والجارود بن أبي سبرة، وهذا على معنى خدعت زيداً نفسه أي عن نفسه على أنّ نصبه على الحذف والإيصال كاختاو موسى قومه، أو هو متعدّ حملا على ما هو بمعناه أو ضمن معنى ينتقصون، ويسلبون أو هو على التشبيه بالمفعول أو على جواز تعريف التمييز، كما قيل في غبن زيد رأيه، وأمّا كون ضمير يخادعون لجميع من ذكر من الله والرسول صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنين والمنافقين، والمستثنى منهم أنفس المنافقين، والمعنى ليس من وقع بينهم النفاق إلا نفس المنافقين، فتكلف لا يليق بالنظم الكريم. قوله: (والنفس ذات طشيء إلخ) هذا باعتبار المعنى العام الشامل لكل شيء، وهو على هذا لا يختص بالأجسام، ولا بذوات الأ- واح كما يقال: هو في نفسه كذا وحقيقة الشيء وعينه، وذاته بمعنى في العرف العامّ، فليس المراد بالشيء الحيوان كما قيل بناء على أنّ تقريره في بيان مناسبات المعاني يقتضيه إلا أنّ الإمام الغزالي رحمه الله تعالى، فسر الذات في السرّ المصون بأمر شامل للروح والجسد، أو هو الجسد القائم به الروح، وعند أهل المعقول بمعنى الحقيقة، وهي وهو جوهر يحل به المعقولات، وهو من عالم الأمر اهـ فإن أراد به هذا اختص بالحيوان بل بالإنسان، وقد قال في كتاب الروح: إنه حقيقة عرفية فيه. وقال بعض الفضلاء: الظاهر أنّ الشيء على عمومه كما يشعر به ما في الصحاح من أنّ النفس الجسد، وعين الشيء، فلا يلائم تعليل إطلاقه على القلب بأنّ النفس به، فإنه لا يجدي إلا في بعض أفراده، والمناسب أن نعتبر المناسبة بين نفس المفهوم الحقيقي، والمعنى المجازي لا بينه وبين بعض أفراده، فالوجه أن يخصص الشيء بالحيوان كما يدل عليه قوله قدس سرّه لأنّ ذات الحيوان به، وما ذكره ملخص ما في الكشاف. وهو كما قال قدس سرّه: يتبادر منه أنّ لفظ النفس حقيقة في الذات مجاز فيما عد ٥١، وذلك ظاهر في الدم والماء والرأي واطلاق النفس على الرأي والداعي من قبيل تسمية المسبب باسم السبب أو استعارة مبنية على المشابهة، والثاني أنسب بالمقام وأظهر كما أشار إليه
المصنف رحمه الله. وقوله: (لأن نفس الحئ به) أي لأنّ ذاته تقوم وتحيا، وتبقى به، وقد ذهب كثير إلى أنّ النفس حقيقة في الروح، ويوفق بينهما بما نقلناه من كتاب الروح، ويؤيده أنّ النفس لا تطلق على الله دائما أو غالبا إلا بطريق المشاكلة، كما سيأتي تحقيقه في تفسير قوله تعالى ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾ [المائدة: ١١٦]. قوله: (وللقلب لآنه محل الروح) القلب عضو صنوبريّ معروف واطلاق النفس عليه من قبيل ذكر المسبب وارادة السبب أو من إطلاق اللازم على ملزومه لأنّ النفس ذات الشيء وذات الحيوان بالقلب تتقوّم لأنّ القلب مبدأ الحياة، ومحل الروح الحيواني، ولذلك خلق في وسط الصدر لأنه أحرز المواضع في البدن إذ العظام سور حصين له والعضلات حرس له، والمراد بالروح التي تحله