###
، وقد اختلف في هذه الجملة هل هي خبرية أم لا معترضة مصدرة بالفاء، وقد صرّح النحاة بأنها تكون
أن سوف يقضي كل ما قدرا
التلويح وغيره فلا وجه لما قيل إنّ الأنسب حينئذ نّ قوله فزادهم الله إلخ إخبار وعطف الماضي على
الاسمية لنكتة إن أريد في الأولى أعني في قلوبهم مرض أنّ ذلك لم يزل غضاً طرياً إلى زمن الإخبار، وفي الثانية أن ذلك مسبب لازدياد مرضهم المحقق إذ لولا تدنس الفطرة لازدادوا بزيادة إمداد الإسلام ونزول الآيات شفاء. وقوله تعالى ﴿فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ﴾ [التوية: ١٢٥] جملة مستأنفة لبيان الموجب لخداعهم وما هم فيه من النفاق، ويحتمل أن تكوق مقرّرة لعدم شعورهم والأوّل أنسب لأنّ قوله وما يشعرون سبيله سبيل الاعتراض وما قيل في ترجيح الاعتراض على الإخبار بأنّ الثاني مكرّر مع قوله تعالى ﴿يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ﴾ ليس بشيء للفرق الظاهر بين زيادة المرض وزيادة الطغيان، على أنه لا مانع من التأكيد مع بعد المسافة، ثم إنّ كلام الشيخين لا ينافيه لأنّ الدعاء من الله إيجاب مؤكد ولولاه لم يكن للدعاء من الله معنى كما لا يخفى فتدبر. وقوله: (ونفوسهم) بالنصب عطف على قلوبهم لبيان المعنى المجازي كما مرّ، ومؤفة هو وجه الشبه، والمرض الأوّل والآلام ومنشؤها وهي تزداد بزيادة الغموم:
والغم يخترم النفوس نحافة ويشيب ناصية الصبيّ ويهرم
والثاني تلك الآفات، وازديادها بالطبع والختم الذي يثبتها والثبات، أو بما بعده. قوله:
(أو بازدياد التكالبف إلخ) أورد عليه أمران الأوّل أنّ المشهور في الازدياد أنه مصدر ازداد اللازم، وقد اسنعمله متعديا تبعاً لما في الكشاف، فإنّ قوله فيه ما ازدادوه يدل على أنه عداه لمفعول واحد كما بينه شرّاحه، والثاني أنّ المنافقين في إجراء الأحكام عليهم كالمؤمنين الخلص، ولا مزية لهم في التكاليف لأنّ المراد بها ما كلف به لا المعنى المصدري، ولو قيل إنه في حق ماحضي الكفر، وازدياد تكاليفهم بشرعية القتل والأسر والجزية تفكك النظم لأنّ ما قبله وما بعده في المنافقيق، وقد أورده بعضهم على أنه وارد غير مندفع (أقول) هذا زبدة القيل والقال، وليس بوارد بوجه من الوجوه.
أمّا الأول فلأن زاد يتعدى لمفعول واحد وتارة يتعدى لمفعولين وازداد مطاوعه، والمطاوع ينقص عن مطاوعه مفعولا واحداً، فإذا كان مطاوع المتعدي لمفعولين تعدى لواحد من غير شبهة، وعليه قوله تعالى ﴿نَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ﴾ [يوسف: ٦٥] وفي الأساس ازددت مالا وازداد الأمر صعوبة، وازداد من الخير ازدياد فالقول بأنه لازم وان اتفق عليه الشراح لا وجه له وكذا قول الراغب: يقال زدته فازداد، وقوله ﴿وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ﴾ نحو ازددت فضلا أي ازداد فضلي، فهو من باب سفه نفسه اهـ. فحمل ما ورد من منصوبه على التمييز ولا حاجة إليه، وهذا هو الذي غرّ المعترض.
وأمّا الثاني فسقوطه ظاهر، لأنّ ما ذكره المصنف رحمه الله أخذه بحروفه من التفسير الكبير ومعناه أنّ التكاليف والأحكام كلما تكرّرت تكرّر بسببها كفرهم المضمر وسوء عقائدهم،
فيزداد مرضهم بسبب ذلك، ويجوز أن يراد بالتكليف معناه اللغوي، وهو تكليف النبيّ صلى الله عليه وسغ لهم في بعض الأمور وتخلفهم عنه، وتعللهم كما وقع في بعض الغزوات من تخلف المنافقين ونحو ذلك، وهذا مما لا مرية فيه.
وأمّا ما ذكره من الجواب ففي غاية الفساد، وتضاعف النصر تكراره وتواليه، ولا وجه
لما قيل من أنّ الظاهر أن يبدل التضاعف بالتضعيف، لأنه لازم مضاف لفاعله، كما أنّ الازدياد يجوز فيه أن يكون مضافاً للفاعل على أنه مصدر اللازم، وإن كان متعديا كما مرّ، ومن العجب ما قيل أنّ الازدياد والتضاعف كناية عن الزيادة، والضعف لكونهما لازمين. قوله: (وكان إسناد الزيادة إلى الله إلخ) قيل عليه: إنه لا حاجة هنا إلى ارتكاب الجاز العقليّ لصحة إرادة الحقيقة بل هي متعينة، وإنما يحتاج إلى هذا التاويل المعتزلة لأنهم ينزهون الله تعالى عن حقيقة الختم والطبع لزعمهم قبحه، ولا قبح ني إيجاده عندنا بل في الاتصاف به والزمخشريّ رحمه الله إنما ارتكبه بناء على مذهبه فلا ينبغي للمصنف رحمه الله أن يتبعه فيما ذكر، وقد صرّح صاحب التاويلات، ومن بعده بأنه مبنيّ على أصلهم الفاسد وذهب الفاضل المحقق إلى أنّ مرادهم بما ذكر أنه ليس هناك من يزيدهم مرضاً، حقيقة على رأي الشيخ عبد القاهر في أنه لا يلزم


الصفحة التالية
Icon