اهـ والممالأه بميمين ولام ثم همزة كالمعاونة لفظاً ومعنى.
، ومنه قول عليّ رضي الله عنه ما مالأت على قتل عثمان أي ما ساعدتهم، ولا وافقتهم
كما زعمه بعضهم، وأصل معناه ما كنت من الملأ الذين فعلوا ذلك، ثم تجوّز به عما ذكر، وفي الأساس مالأه عاونه، وأصله المعاونة في الملء، ثم عمّ كالاجلاب.
وقال قدّس سرّه تبعاً لغيره: المراد بقوله هيج الحروب هو اللازم، لأنّ المتعدي إفساد لا فساد، وقد عرفت ما فيه وأنه يجوز فيه التعدي بالنظر إلى الماس كما يجوز اللزوم نظرا لأصله، والعجب ممن ارتضى تبعاً له لزوم اللزوم، ثم قال والقول بأنّ الأنسب من إفسادهم لأنّ الهيج ههنا متعد بقرينة قوله بمخادعة المسلمين، وممالأة الكفار أي معاونتهم على المسلمين إفساد وفساد كما لا يخفى على أهل السداد، وغفلة عن قوله: فإنّ ذلك إلخ. ولا يخفى ما فيه من الخللى الغني عن البيان. قوله: (فإن ذلك يؤدّي إلى فساد ما في الأرض إلخ) في قوله يؤدّي إشارة إلى ما فيه من مجاز الأوّل كما مز تقريره، وقيل المراد من الفساد في الأرض هيج
الحروب، والفتن بطريق الكناية الرمزية، لأنّ هيجها يستلزم خروج الأرض عن اعتدالها واستقامتها، فذكر اللازم وهو الخروح عن ذلك وأريد الملزوم وهو الهيج، ثم أنهم ما كانوا يهيجونها بل يفعلون ما يؤدّي إلى ذلك، فهو مجاز مرتب على الكناية وقيل إنه مجاز عما يلزمه من ذلك وهو غير بعيد. وقوله: (من الناس والدواب والحرث) إشارة إلى قوله تعالى ﴿سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ﴾ [البقرة: ٢٠٥] والحرث إلقاء البذر في الأرض وتهيئتها للزرع ويسمى المحروث حرثاً أيضاً تصورّ منه العمارة التي تحمل عنه في كون الدنيا محرثا ونحوه، وقيل: إطلاق اسم الفساد على هيجان الحروب من إطلاق اسم المسبب على السبب مجازاً، ومعنى لا تفسدوا لا تهيجوا الفتن المؤدّية إلى فساد ما في الأرض، ولا يخفى ما فيه من التخليط والتخبيط. قوله: (ومنه إظهار المعاصي إلخ) أي من الفساد في الأرض ما ذكر، وهذه معطوفة على ما قبلها، أو على قوله من فسادهم في الأرض، وضمن الإهانة معنى الاستخفاف أو حملها عليه، فلذا عداه بالباء، وهو متعد بنفسه وبينه بقوله فإنّ إلخ. وقيل: إنه ردّ لما يقال من أنّ الزمخشريّ خص هذا الفساد لأنّ فيه زيادة بيان لفائدة قوله في الأرض لأنّ غير ما ذكره أيضاً يعود إلى فساد الأرض، والهرج والمرج بمعنى القلق والاضطراب قيل: وإنما يسكن المرج مع الهرج للإزدواح، فإذا لم يقارنه فتحت راؤه وفي بعض كتب اللغة ما يخالفه فالهرج بالسكون وقوع الناس في فتنة واختلاط والمرح قريب منه ويكون موضح الخضرة، ولذا تظرّف بعض المحدثين فقال:
حمى مرج العذاربمقلتيه فبات الناس في هرج ومرج
وإنما قال: ومنه إلخ لأنه نقل عن ابن عباس رضي الله ش! ما تفسيره به أشار إلى أنه لم يقصد به الحصر ونظام العالم ما ينتظم ويتمّ به، وهو بالشرائع فلو عطلت والعياذ بالله كان تعطيلها يجرّيء الناس على ما يفني الحرث والنسل، ويخرب العالم. قوله: (والقائل هو الله إلخ) هذا من كلام الإمام في التفسير الكبير قال: وكل ذلك محتمل، ولا يجوز أن يكون القائل لذلك من لا يختمى بالدين والنصيحة، وان كان الأقرب هو أنّ القائل من يشافههم بذلك، فإمّا أن يكون الرسول صلّى الله عليه وسلم بلغه عنهم النفاق ولم يقطع بذلك فنصحهم، فأجابوه بما يحقق إيمانهم في الصلاح بمنزلة سائر المؤمنين، وامّا أن يقال إنّ بعض من كانوا يلقون إليه الفساد لا يقبله فهم فينقلب، واعظاً لهم قائلاَ لا تفسدوا أو يخبرون الرسول صلى الله عليه وسلّم بذلك فتدبر. قوله: (جواب لاذا إلخ) عبر بالناصح دون الناهي إشارة إلى أنّ هذا من القائل شفقة عليهم، ومعاملة بلطف من غير مبارزة وعنف منه، ووحه المبالغة ذكر الاسمية
المؤكدة المحصورة والتمحض الخلوص من قولهم لبن منحض أي لم يخالطه ماء، والشوائب جمع شائبة، وهو ما يخالط الشيء، فيمنعه من الخلوص والعرب تسمي العسل شوبا لأنه عندهم مزاج الأشربة، وفي المصباح وقولهم ليس فيه شائبة ملك يجوز أن يكون مأخوذاً من هذا ومعناه ليس فيه شيء مختلط به، وان قل كما قيل: ليس فيه علقة ولا شبهة وأن تكون فاعلة بمعنى مفعولة مثل عيشة راضية هكذا استعمله الفقهاء ولم أجد فيه نصا.
نعم قال الجوهريّ