قول أبي تمام:
والله مفتاح باب المعقل الأشب
أمّا الحروف الداخلة على الآلة إذا دخلت على ما يتعلق به تعالى بطريق المشابهة المكنية، وقامت القرينة على وجه الشبه لا نقص فيه فلا مانع من الحمل عليه إذا قصد به ما يدل على التعظيم، وايهام ما لا يليق وان كفى مرجحا إلا أنه مغتفر لبعده وظهور قرينة ضده فإذا ساعده المرجح رجح.
وأما الثالث: وهو أنّ المشركين كانوا يبدؤن بأسماء اكهتهم للتبرك الخ فغير مسلم بل
كانوا يقصدون الاستعانة أيضا لعدها وسايط يتقرّب بها إليه تعالى وهذا شبيه بالآلة.
وأما الرابع: وهو إنّ المصاحبة أدل على ملابسة جميع أجزاء الفعل الىخ فقد مر أنّ اقرأ
يدل على ذلك دون ابتدىء ولا يلزم من مصاحبة شيء لشيء ملابسته لجميع أجزائه في جميع أزمانه، والآلة لا بد من وجودها إلى آخر الفعل والا لم يتم، وفيه أن تقدير أقر، إذا دل على ذلك فمع ما يدل على المصاحبة يكون أظهر ولذلك قال أدل وأمّا الخامس وهو أن التيرك معنى ظاهر الخ فإن أراد أنّ المصاحبة معنا. التبرك، فظاهر البطلان لأنه لا تبرك في نحو دخلت عليه
ا / م هـ
بثياب السفر وقد مثلوا لها برجع بخفي حتين ومعناها خائباً كما صرحوا به فكيف يتوهم التبرك فيما هو بمعنى الخيبة، وإن أراد أنه يفهم منها بالقرينة إذ لا معنى لمصاحبتها لجميع الفعل إلا مصاحبة بركتها فلك أن تقول تلك القرينة باقية بعينها، فتفيده إذا قصد الآلة لتوقف الاعتداد بها شرعا عليها، وأما كون التبرك معنى ظاهراً لكل أحد، فغير مسلم أنه مأخوذ من خصوص معنى المصاحبة كما عرفت فما قيل عليه من أن العمدة والنظر للخواص، والعوامّ كالهوامّ، والدقة من أسباب الترجيح لا الرد مما لا حاجة إليه وإن ردّ بأنه ذهول عن المراد فإنه ينادي على أنّ كل أحد من الخواص والعوام والبله والحذاق مأمورون بذلك من الشارع فلو لم يكن معناه مكشوفا لكل أحد لكانوا مأمورين بما لم يعرفوه وهو بعيد جداً.
وأمّا السادص: فإنّ ما يفتح به الشيء لا مانع من كونه جزأ له كالطومار والكتاب يفتح
بأوّل أجزائه، وقد مرّ أنّ الفاتحة مفتتح القرآن مع كونها جزأ بلا خلاف، ولو سلم فجعلها مفتتحاً ومبدأ بالنسبة لما عداها وأمّا الاستئناس بالحديث فقد قيل عليه: إن المراد بما في الحديث الإخبار عن أنه لا يضر مع ذكر اسمه شيء من مخلوق، والمصاحبة تستدعي أمراً حاصلاَ عندها نحو جاءكم الرسول بالحق والقراءة لم تحصل حينئذ فتعذرت حقيقة المصاحبة فيه، ولا وجه له فإن المصاحبة هنا ليست محسوسة، وكونها إخباراً بنفي صحبة الضرر يفهم منه صحبة النفع والبركة كما لا يخفى، والمراد بالبركة دفع الوسوسة عن القارىء مع جزيل الثواب كما قاله ابن عبد السلام رحمه الله، فلا يتوهم أنّ القرآن أشرف من البسملة فكيف يطلب له بركتها، وقيل: الباء للإلصاق، وقيل: بمعنى على وقيل زائدة ومن الغريب ما قيل إنها قسمية.
(وأعلم) : أنّ الجمهور على أنّ الظرف إذا كانت الباء للملابسة والمصاحبة ظرف مستقرّ
فإذا كانت للاسنعانة والآلية لغو لأنّ مدخونها سبب للفعل متعلق به بواسطة الباء من غير اعتبار معنى فعل آخر عامل في الظرف وجوّز الرضى، وصاحب اللباب اللغوية على الأوّل أيضاً قال في اللباب: ولا صادّ عندي من الإلغاء كما في باء الاستعانة وقال الفاضل الليثي: إنه إذا قصد بباء المصاحبة مجرّد كون سول الفعل مصاحبا لمجرورها زمان تعلقه به من غير مشاركة في معنى العامل، فمستقرّ ني موضع الحال وان قصد مشاركته فيه فلغو ويؤيده التمثيل بإشترى الفرس بسرجه لاحتماله لكلا المعنيين، فعلى أحد الوجهين يكون مشترى دون الآخر بخلاف نحو نمت بالعمامة، فإنه لا يحتمل اللغوية وكذا ما نحن فيه إذ لم يقصد إيقاع القراءة على اسم الله وفيه نظر ظاهر لمنعه خصوصاً على مذهب المصنف وقد قيل عليه أيضاً أنّ المصاحبة إفما هي المعنى الأوّل، وأما الثاني فهو معنى الإلصاق وليس بشيء إذ الإلصاق لا ينافي المصاحبة خصوصاً على مذهب القائل بعدم انفكاكه عنها وقولهم متبركاً ليس لبيان المتعلق بل بيان لمعنى الملابسة، وعلى الد صاحبة تعنقه بالفعل إلمقذر معنويّ لا صناعيّ، فهو متعلق بحال هو قيد له
فكأنه متعلق به إلا أنه لا يلائم ظاهر كلامهم، واختلافهم في تقدير عامل عام أو خاص كما مرّ، وكيف يتأتى هذا في قول الكشاف تعلقت الباء بمحذوف تقديره بسم الله اقرأ انتهى.
وليس المقصود بالحصر حينئذ التبرك


الصفحة التالية
Icon