الآمديّ ذهب الأشعري، وعامة الأصحاب إلا أنّ من الصفات ما هو عين الموصوف كالوجود وما هو غيره.
وهو كل صفة أمكن مفارقتها عن الموصوف كصفات الأفعال من كونه خالقا ورازقا.
ومنها ما يقال إنه لا عين ولا غير، وهو ما يمتنع انفكاكه كالعلم والقدرة يدلّ على أنه
أراد بالصفة المعنى الثاني ومدلول الاسم المدلول التضمني وبعد ما فسر الغير بما ذكر لا يرد عليه أنّ الصفة أمر خارج عن الذات، فكيف تكون عينه وأنه يلزمه تقسيم الشيء إلى نفسه وغيره، وقوله في شرح المواقف أنه قد اشتهر الخلاف في أنّ الاسم هل هو نفس المسمى أو غيره ولا يشك عاقل في أنه ليس النزاع في لفظ فرس أنه الحيوان المخصوص أو غيره بل في مدلول الاسم أهو الذات من حيث هي أم باعتبار أمر آخر عارض له صادق عليه، فلذلك قال الشيخ قد يكون الاسم عين المسمى نحو الله، وقد يكون غيره كالخالق والرازق، وقد يكون لا هو ولا غيره كالعالم والقادر يقتضي أنه أراد المعنى الأخير، وأنّ الكلام في الاسم مطلقا صفة
أو جامداً وصريح في أنه أراد بالمدلول المطابقي، وقد أورد عليه أنّ ما ذكره الشيخ من أنّ الاسم قد يكون عين المسمى الخ لا يتفرع على ما ذكره من أنّ مدلول الاسم هو الذات من حيث هي أم باعتبار أمر صادق عليه إذ لو كان الذات باعتبار أمر صادق عليه مدلول الاسم لكان لا محالة بهذا الاعتبار مسماه، فيكون الاسم عين المسمى كما إذا كان مدلوله هو الذات من حيث هي هي، وما نقل عن الشيخ من أنّ اسم الله علم للذات من غير اعتبار معنى فيه ممنوع، إذ قد اعتبر فيه المعبودية بحق، أو الاتصاف بجميع صفات الكمال كيف لا وذاته من حيث هي هي غير معقولة لنا كما لا يخفي، ثم إنّ ما نقله مخالف لما في الكتاب من أنّ الاسم الذي هو عين المسمى مدلوله الذات من حيث هي، ومن أنه أن أريد بالاسم الصفة فقد تكون عين الذات وغير. ولا عينه ولا غنره.
والجواب أمّا عن الأوّل فهو أنّ تفريعه ظاهر لأن مراده بالمسمى ذات المسمى، وعينه لا مدلول الاسم مطلقا، وقد يستعمل ويراد به كل منهما والقرينة قائمة على أنّ المراد الأول.
وأمّ الجواب عن الثاني فسيأني في عملية الجلالة الكريمة.
وأمّا عن الثالث فالمخالفة إنما نشأت من الاختلاف في معنى كلام الشيخ أو من اختلاف الروأية عنه.
ثم أنّ للقوم في تحرير محل الخلاف هنا وجوها أخر منها أنّ الاسم يطلق ويراد به اللفظ
كما في كتبت زيد أو يطلق ويراد به المسمى كما في كتب زيد فإذا ورد ما يحتملهما من غير قرينة مرجحة كرأيت زيد فالقائل بالغيرية يحمله على اللفظ، وبالعينية على المسمى قيل وهو أحسن الوجوه ولا يخفي أنّ الموضوع له قمحداً المسمى، وأرادة اللفظ مجاز بوضمع غير قصدى مع أنّ ما ذكر لا مساس له بالأصول.
". ومنها ما ذكره الإمام وادّعى لطفه ودقته وهو أنّ لفظ الاسم اسم لك لفظ دال على معنى في نفسه غير مقترن بزمان ولفظ الاسم كذلك فيكون الاسم اسما لنفسه وعين مسماه وهذا إنما يصح لو كان النزاع في لفظ اسم ولا يصلح محلاً للخلاف حتى ينكره المعتزلة مع أنه مبنيّ على أق الاسم موضوع بإزاء كل فرد منه لا بإزاء المفهوم الكليّ أو على حمل المسمى على ما يطلق عليه عيناً كان أو فرداً وهذا لا يخص الاسم بل يجري في غيره كلفظ لفظ وككلمة كلمة ولفظ موضوع ونحوه، فلا حاجة إلى ما تكلف به بعضهم فمثله بضمير الغائب إذا عاد على مثله نحو هو زيد وهو ضمير غائب وهو تكلف بارد، ولو قيل أنه مخصوص بأسماء صفات الله، ولذا أطبقوا على ذكرها في الأصول وأنّ المراد أنّ وضعها هل هو للذات المقدسة أولاً وبالذات، والمعنى الوضعيّ مقصود بالتبع، أو وضعت لأمر كليّ، وهو ذات مّا متصفة بما دل عليه مأخذ اشتقاقها على ما حقق في الوضعيات، فعلى الأوّل يكون المقصود بالوضع أوّلا عين
المسمى وذاته وعلى الثاني غيره لمغايرة الكلي للجزئيّ حقيقة، وليس المراد بالغيرة مصطلح الأشعري، وبعد كل كلام فلم نر في هذه المسألة ما فيه ثلج الصدور وشفاء الغليل.
وللسهيليّ فيها كلام ادّعى أنه الحق وصنف في ردّه ابن السيد رسالة مستقلة لا يسع تفصيلها هذا المقام. وقوله: (كما هو الخ) إن كان نقل عن الشيخ في هذه المسألة أن المراد بالاسم الصفة فالكاف تتعلق بأريد كما في بعض الحواشي، والا فهو قيد للصفة كما ارتضاه كثر أرباب الحواشي، لكن قال بعض الفضلاء أن الظاهر أنّ الظرف متعلق بالإرادة دون الصفة، وهو


الصفحة التالية
Icon