قريب مما قبله، وتقدير ما قدره تصحيح معنى لا إعراب. قوله: (أي إن كان الأولاد نساء خلصا الخ) يعني أنّ الضمير راجع للأولاد مطلقا فيفيد الخبر حينئذ من غير تأويل، أو للمولودات أو البنات التي في ضمن مطلق الأولاد وليس الخبر عينه حتى لا يفيد الحمل كما توهم لأنّ المراد نساء خلصا إلى آخره وإذا كان فوق اثنتين صفة فهو محل الفائدة، فإن قلت على الوجه الأوّل يلزم تغليب الإناث على الذكور قلت يجوز ذلك مراعاة للخبر
ومشاكلة له وهو معنى ما قيل إذا عاد الضمير على جمع التكسير المراد به محض الذكور في قوله عليه الصلاة والسلام رب الشياطين ومن أضللن كعوده على الإناث فلأن يعود على جمعه الشاملى للإناث بطريق الأولى، فلا يرد عليه إنه هناك للمشاكلة المفقودة هنا، وجوز الزمخشرقي أن تكون كان تامّة والضمير مبهم مفسر بالمنصوب على أنه تمييز ولم يرتضه النحاة لأنّ كان ليس من الأفعال التي يكون فاعلها مضمرا يفسره ما بعده لاختصاصه ببابي نعم والتنازع، ولذا تركه المصنف رحمه الله ولا يرد على كون فوق اثنتين خبرا ثانيا إنه يلزم أن لا يفيد الخبر لما مرّ، وقوله: زائدات إشارة إلى أنّ الفوقية هنا ليست حقيقية بل بمعنى زيادة العدد وأضمر فاعل ترك لدلالة الكلام عليه ومثله سائغ شائع، وأظهر منه ضمير كانت. قوله: (واختلف في الثنتين الخ الما دل الحديث الصحيح الذي رواه أحمد بن حنبل والترمذيّ وأبو داود وابن ماجه عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: جاءت امرأة سعد بن الربغ إلى رسول الله ﷺ فقالت: يا رسول الله هاتان ابنتا سعد قتل ابوهما يوم أحد وإن عمهما أخذ مالهما ولم ياع لهما مالاً ولا يثكحان إلا ولهما مال فقال ﷺ " يقضي الله في ذلك " فنزلت آية الميراث فبعث رسول الله ﷺ إلى عمهما فقال: " أعط لابم! ي سعد الثلثين وأعط أمّهما الثمن وما بقي فهو لك " فدل ذلك على أن حكم البنتين وأنّ لهما الثلثين مفهوم من النص بطريق الدلالة أو الإشارة لأنه حكم به بعد نزولها، ووجه إنهما لما استحقتا معه النصف علم أنهما إذ انفردتا عنه استحقتا أكثر من ذلك لأنّ الواحدة إذا انفردت أخذت النصف بعدما كانت معه تاخذ الثلث ولا بد أن يكون نصيبهما مما يأخذه الذكر في الجملة، وهو الثلثان لأنه يأخذه مع البنت، وليس هذا بطريق القياس بل بطريق الدلالة أو الإشارة، فيكون قوله: فإن كن نساء الخ بيانا لحظ الواحدة وما فوق الثنتين بعدما بين حظهما، ولذا فرعه عليه إذ لو لم يكن فيما قبله ما يدل على سهم الإناث لم تقع الغاية موقعها وهذا مما لا غبار عليه، وقيل لما تبين أن للذكر مع الأنثى ثلثين وللذكر مثل حظ الأنثيين فلا بد أن يكون للبنتين الثلثان في صورة والا لم يكن للذكر مثل حظ الأنثيين لأنّ الثلثين ليس بحظ لهما أصلاً لكن تلك الصورة ليست صورة الاجتماع إذ ما من صورة يجتمع فيها الثلثان مع الذكر، ويكون لهما ثلثان فتعين أن تكون صورة الانفراد.
(ثم ههنا سؤال) وهو أنّ الاستدلال دوري لأنّ معرفة أنّ للذكر الثلثين في الصورة
المذكورة موقوفة على معرفة حظ الأنثيين لأنه ما علم من الآية إلا أنّ للذكر مثل حظ الأنثيين، فلو كان معرفة حظ الأنثيين مستخرجة من حظ الذكر لزم الدور، والجواب أنّ المستخرج هو الحظ المعين للأنثيين وهو الثلثان، والذي يتوقف عليه معرفة حظ الذكر هو معرفة حظ الأنثيين مطلقاً فلا دور وأنت في غنى عن هذا بما بيناه لك من غير تكلف، وأما ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فنظر إلى ظاهر النظم ولعله لم يبلغه الحديث لأنه لما لم يكن لهما حكم الجماعة كان لهما حكم الواحدة إذ لا قائل بغيرهما وفيه أنه لو استفيد من قوله فوق اثنتين إنّ حالهما ليس حال الجماعة بناء على مفهوم الصفة فكذلك يستفاد من واحدة أنّ حالهما ليس حال الواحدة لمفهوم لعدد، وان فرق بينهما بأنّ النساء ظاهر فيما فوقهما فلما أكذبه صار محكماً في التخصيص بخلاف إن كانت واحدة، وأورد أنه إنما يتم على كونه صفة مؤكدة لا خبراً بعد خبر، وأجيب بأنه على هذا مؤكد أيضاً وبأنه لما تعارض النصان عنده جعل لهما نصيبا من النصيبين وجمهور الصحابة رضي الله عنهم على خلافه لما مرّ وكلام المصنف رحمه الله ينزل عليه. قوله: (ويؤيد ذلك الخ) جعله مؤيداً، ولم يجعله دليلاَ مستقلا لعدم الحاجة إليه ولأنه قبل إنّ القياس


الصفحة التالية
Icon