واردة في كلام العرب كقوله:
فنجهل فوق جهل الجاهلينا
وحتى ينزع بمعنى يكف ويترك وهو وارد في الأثر عن أبي العالية أن أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم كانوا يقولون كل ذنب أصابه عبد فهو جهالة. قوله: (من زمان قريب أي قبل الخ) أي يتوبون في زمن الحياة الذي هو قريب منه قبل حالة اليأس، وحملها على التبعيض لا الابتداء كما قيل به لأنها إذا كانت لابتداء الغاية لا تدخل على الزمان على القول المشهور، والذي لابتدائه مذ ومنذ، وسلطان الموت حضوره وقوّته وغلبته فهو بالمعنى المصدري أو المراد بقربه أن لا ينهمك فيه ويصر عليه فإنه إذا كان كذلك يبعد عن القبول، وإن لم يمتنع قبول توبته وقوله: الذي هو ما قبل الخ ناظر إلى الأوّل وما بعده إلى الثاني قوله صلى الله عليه وسلم: " إن الله سبحانه وتعالى يقبل توبة عبده ما لم ينرغر " أصل معنى الغرغرة ترديد الماء في الفم إلى الحلق وغرغرة المريض تردّد الروح في حلقه على التشبيه، وهو حديث حسن صحيح أخرجه الترمذفي وابن ماجه وابن حبان والحاكم. قوله: (وعد بالوفاء الخ) دفع لتوهم الاستدراك فيه لأنه جعله أوّلاً لازماً أي الأوّل وعد بتنجيز قبول التوبة، وهذا بيان لأن الوفاء به محقق قيل ويحتمل أنه من المذهب الكلامي كأنه قال: التوبة كالواجب على الله، وما هو كالواجب عليه كائن لا محالة فهو كائن فأولئك يتوب الله عليهم كالنتيجة له. قوله:) سؤ! بين من سؤف الخ (لما كان يختلج في الوهم أنه لا معنى لنفي قبول التوبة بالنسبة إلى من لم يتب ومات على الكفر صرف
النظم عن ظاهره كما قيل إنّ المراد بالتوبة المغفرة كما يقال تاب الله على فلان بمعنى عفا عنه، وأشار إلى أنّ المراد من الذين يعملون السيئات ما يشمل الفسقة والكفرة فسوّى بين المسوّف منهما وبين من مات على الكفر في عدم الاعتداد بأمر المسوّف لأنه والعدم سواء، ويحتمل أنه حذف من الثاني لدلالة الأوّل أو اشتراك المتعاطفين في القيد، والمراد بالذين يعملون السيئات العصاة أي لا توبة لمسوف التوبة ومسوّف الإيمان إلى حضور الموت، واعلم أنّ هذا كله بناء على أنّ توبة اليأس كإيمان اليأس في عدم القبول، وقد قيل: إنّ توبة اليأس مقبولة دون إيمانه لأنّ الرجاء باق، ويصح منه الندم والعزم على الترك وقال الإمام: إنها لا تقبل، واستدلّ عليه بآيات ونقل في البزازية عن فتاوى الحنفية أنّ الصحيح أنها تقبل بخلاف إيمان اليأس وإذا قبلت الشفاعة في القيامة، وهي حالة يأس فهذا أولى لكن هذه الآية صريحة في خلافه. وقوله:) وبالذين يعملون السيئات المنافقون الخ (جعل عمل السيئات من غيرهم في جنب عملهم بمنزلة العدم فكأنهم عملوها دون غيرهم ولا يخفى لطف التعبير بالجمع في أعمالهم وبالمفرد في المؤمنين على هذا، وأمّا أن التوبة هنا من الله لا من العبد فينافي التسوية فليس بشيء فتأمله! اووجه تضعيف القول الأخير أن المراد بالمنافقين إن كان المصرّين على النفاق فلا توبة لهم يحتاج إلى نفيها والا فهم وغيرهم سواء. قوله: (لا يعجزه عذابهم ش شاء) مأخوذ من كون العذاب حاضراً مهيأ لهم عنده، والعتاد العدة وهي ما يعد ربهيأ، أو التاء مبدلة من الدال وهو ظاهر. قوله: (كان الرجل إذا مات الخ) أخرجه ابن جرير وعضلها بمعنى منعها من التزوّج وأصله من العضل المعروف، والمراد من الإرث أخذ صداقها وعلى الثاني أخذ الزوجة نفسها بطريق الإرث، وحاصل الوجهين أن النساء يجوز أن يكون مفعولاً ثانيا والمفعول الأوّل محذوف فيحمل على أن ترثوا أنفسهن كما تأخذون الميراث، وأن يكون مفعولاً أوّل فيحمل على أن ترثوا أموالهن، وقرئ لا تحل لكم أن ترثوا بالتاء لأنّ أن ترثوا بمعنى الوراثة كما قرئ لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا لأنه بمعنى المقالة وهذا عكس تذكير المصدو المؤنث لتأويله بأن
٢٣٣
والفعل فكل منهما جار في الكلام الفصيح والكره بالفتح والضم، قيل هما بمعنى كالضعف والضعف وقيل الأوّل الإكراه وهو المراد بالمشقة في كلام المصنف رحمه الله كما أشار إليه الراغب، والثاني بمعنى الكراهية وإليهما أشار بقوله: كارهات أو مكرهات. قوله:) عطف على أن ترثوا الخ) فيه وجهان أحدهما أنه مجزوم بلا الناهية، وعطف جملة النهي على جملة خبرية إمّا بناء على جوازه وقد قيل إنه مذهب سيبويه أو أنّ الأولى في معنى النهي إذ معناها لا ترثوا النساء كرها فإنه غير حلال لكم وجعله أبو البقاء


الصفحة التالية
Icon