بانكحوا مع فهمه مما قبله لأنّ المفهوم منه الإباحة وهذا للوجوب فلا إطناب. قوله: (أي أذوا إليهن مهورهن بإذن أهلهن الخ الما كان المهر للسيد قدر
المضاف، أو القيد بقرينة ما قبله فإذا أذن لها في أخذه جاز، وفي قوله: بالمعروف وجوه تعلقه بآتوهن أي آتوهن مهورهن بالمعروف أو حال أي ملتبسات بالمعروف غير ممطولات أو متعلق بانكحوهن أي انكحوهن بالمعروف أي بالوجه المعروف باذن أهلهن ومهر مثلهن، وأما أن فيه حذفاً أي بإذن أهلهن كقوله تعالى: ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ﴾ [سورة الأحزاب، الآية: ٣٥] ومثله كثير فلا يرد عليه ما قيل إنّ العطف لا يوجب مشاركة المعطوف المعطوف عليه في القيد المتأخر، وإنما هو ظاهر في القيد إذا تقدّم وكذا تقدير الموالي لا بد له من شاهد ولا بد حينئذ من نكتة لاختيار آتوهن على آتوهم مع تقدم الأهل، وقال النحرير: فيه تأكيد إيجاب المهر واشعار بأنه حقهن من هذه الجهة وأنما تأخذه الموالي بجهة وإنما تأخذه الموالي بجهة ملك اليمين وقول مالك رحمه الله يوجب كون الأمة مالكة مع أنه لا ملك للعبد فلا بد أن تكون مالكة له يداً كالعبد المأذون له في التجارة، لأنّ جعلها منكوحة إذن لها فيجب التسليم إليهن فإن حملت الأجور على النفقات استغنى عن اعتبار التقدير وكذا إن فسر بالمعروف بما عرف شرعا من إذن الموالي، ومحصنات غير مسافحات إما حالان من مفعول آتوهن فهو بمعنى متزوّجات أو من مفعول فانكحوهن فهو بمعنى عفائف، وما بعده تفسير له والمسافحة المجاهرة بالزنا والمتخذة الخدن بمعنى الصديق المستسرة به كذا فسروه به فلا يرد عليه أنه لا وجه له. قوله: (عفائف) فسره به لأنّ العفة أحد معاني الإحصان وأما حمله على المسلمات وان جاز خصوصاً على مذهب الجمهور الذين لا يجيزون نكاج الأمة الكتابية لكن هذا الشرط تقدّم، في قوله فتياتكم المؤمنات فلذا رجح الجمهور أن المراد بالمحصنات العفيفات فقوله: غير مسافحات أكيد له ولا ينافيه كونه تقسيماً للزواني فإنهن كن قسمين أحدهما الفجور بمن آتاهن، والثاني من لها خدن يزني بها سرأ حتى يقال الحمل على التقسيم أقوى. قوله: (فإذا أحصن) قرأها نافع وغيره بضم الهمزة وكسر الصاد مجهولاً وآخرون بالفتح معلومأ، ومعنى الأوّل فإذا أحصن بالتزويج فالمحصحن لها الزوج، ومعنى الثاني فإذا أحصن فروجهن أو أزواجهن، وقد مرّ تحقيقه وقاء فإن جواب إذا وفعليهن جواب إن فالثرط الثاني وجوابه مترتب على وجود الأوّل ولو سقطت الفاء انعكس الحكم ولزم تقدم الثاني على الأوّل لأنه حال فيجب التلبس به أوّلاً وهو معروف في النحو. قوله: (بالتزويج) قد مرّ انّ للإحصان معاني يحمل على بعضها بحسب ما يقتضيه النظم، وهو لا يمكن حمله هنا على الحرّية ولا على العفة لمنافاة
معناها له، ولهذا ذهب الجمهور إلى أنّ المراد به هنا التزويج، وهو المأثور عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره فعليه لاتحد الأمة إذا زنت ما لم تتزوّج، وذهب كثير إلى أنّ المراد به الإسلام، وهو مروي عن عمر رضي الله عنه من طرق وابن مسعود وابن عمر واليه ذهب مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وغيرهم، وقيل: إنّ مأخذ القولين اختلاف القراءتين فمن فتح الهمزة أراد أي أحصن أنفسهن بالإسلام، ومن ضمها أراد التزوبج فإنّ أزواجهن أحصنوهن، والحق إن كلا من القراءتين محتمل لكل من المعنين واحتج المرجح للأوّل بأنه سبحانه شرط الإسلام بقوله: من فتياتكم المؤمنات فحمل ما هنا على غيره أتم فائدة وان جاز أنه تأكيد لطول الكلام وفي الصحيحين أنه ﷺ سئل عن الآمة إذا زنت ولم تحصن فقال: " إن زنت فاجلدوها " الحديث والمراد بالإحصان فيه التزويج وفي الآبة الإسلام إلا أن الزهري قال الإحصان في الآية التزوّج إلا أن الحد واجب على الأمة المسلمة إذا لم تتزوّج بهذا الحديث فالمزوّجة محدودة بالقرآن وغيرها بالسنة لكن تفسير الإحصان هنا بالإسلام، قال بعض المحققين إنه ظاهر على قول أبي حنيفة من جهة أنه لا يشترط في التزويج بالأمة أن تكون مسلمة، وإنّ الكفار ليسوا مخاطبين بالفروع وهو يشكل على قول من يقول بمفهوم الشرط من الشافعية فإنه يقتضي أن الأمة الكافرة إذا زنت لا تجلد، وليس مذهبه كذلك فإنه يقيم الحد على الكفار. قوله: (من الحدّ الخ) يعني أن المراد من العذاب الحد كما في تلك الآية قيل، وهذا


الصفحة التالية
Icon