ليس بوارد لأنه جار على المذهبين كما في الكشف أما على مذهب المعتزلة فظاهر كما قرّره وأما على مذهب أهل الحق فالمراد بالأجر التفضل كما ذكره والمراد بمقابلة العمل الثواب الموعود به فلو عده تعالى به وهو الذي لا يخلف الميعاد صار كأنه حق له وذلك أيضاً بمقتض الكرم كما قيل، وعديم الكردين وقد صرّح به المصنف رحمه الله تعالى بقوله على ما وعد والمعترض! غفل عنه لا بطريق الوجوب كما ذهب إليه المعتزلة نعم حمل الأجر على ما ذكر لا يخلو من بعد والداعي إليه عدم التكرار ولذا ذهب كل إلى وجه
فيه، وقال الإمام إن ذلك التضعيف يكون من جنس اللذات الموعود بها في الجنة وأما هذا الأجر العظيم فهو اللذة الحاصلة عند الرؤية والاستغراق في المحبة والمعرفة، وبالجملة فذلك التضعيف إشارة إلى السعادات الجسمانية وهذا الأجر إشارة إلى السعادات الروحانية. قوله: (فكيف حال هؤلاء الخ (الفاء فصيحة أي إذا كان كل قليل، وكثيريجازي عليه فكيف حال هؤلاء وكيف في محل نصب على الظرفية على القول الأصح لا الحالية فهو خبر مبتدأ محذوف هو حالهم، وهو العامل في الظرف ولذا قدر والا كان يكفي كيف هؤلاء لأنه سؤال عن الحال وعامله استقرّ أو مستقرّ وذلك هو العامل في إذا، وهو المراد بالظرف في كلام المصنف رحمه الله تعالى، وقيل: إنه في محل نصب بفعل محذوف وهو العامل فيها أي كيف تصنعون أو يكون حالهم، وهذا ما قرّره صاحب الدرّ المصون، وهو أولى من جعله متعلقا بمضمون الجملة من التهويل والتفخيم المستفاد من الاستفخام وأما كونه متعلقا بكيف فمما لا ينبغي. قوله: (تشهد على صدق هؤلاء الشهداء الخ) المراد بالشهداء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فكان المناسب إبدال قواعدهم بشرائعهم لكنه قعد على طريق القافية، وعلى القول بأنه إشارة إلى الكفرة يكون شهادته تقوية لشهادة أنبيائهم عليهم الصلاة والسلام، وقد مرّ تفصيل معنى الشهادة فيه، وإنما أقحم صدق لأنّ شهد إذا تعذى لأحد الخصمين تعدى بعلى في الضرر وباللام للنفع وان تعدّى للأمر المشهود عليه تعدى بعلى مطلقا فلذا قدره ليكون من الثاني إذ لو كان من الأوّل لقيل لهؤلاء، ومن لم يتفطن للفرق قال: على متعلق بشهيداً مضمناً معنى التسجيل لئلا يلزم الشهادة عليهم لا لهم، وكأنه الداعي إلى جعله إشارة إلى الكفرة. قوله: (بيان لحالهم حينئذ (تسوّي تجعل مستوية والباء إما بمعنى الملابسة، أو على أو مع أو للتعدية وتسوية الأرض بهم إما كناية عن دفنهم والباء للملابسة أي تسوّي الأرض ملتبسة فبهم، وقيل للسببية أو بمعنى على وعلى الوجهين الأخيرين هي صلة، قال في الأساس: ساويت هذا بهذا وسوّيته به، ولا قلب إذ لا فرق بين سوّيتهم بالأرض! والتراب وسوّيتهما بهم، وقيل: معناه لو تعدل بهم الأرض! أي يؤخذ ما عليها منهم فدية، وقرئ بالتخفيف مع ضم التاء، وفتحها وعلى
الأوّل ﴿الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ﴾ واحد نوعا، وعلى الثاني نوعان ويشملهما الذين لكن في الصلة إشارة إلى تنويعهم فلا يلزم عليه حذف الذين، وقد صرّج المصنف بأنه غير جائز في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ﴾ [سورة الزمر، الآية: ٣٣] حيث قال: إذا كان الجائي هو الرسول ﷺ والمصدق أبو بكر رضي الله تعالى عنه يقتضي إضمار الذي وهو غير جائز كما قيل للفرق بين المفرد والجمع مع أنّ في المسألة خلافا للفراء، وما نسب لحمزة والكسائي هو قراءة نافع، وابن عامر وحمزة والكسائي قرآ بالفتح والتخفيف كما في الدر المصون فليحزر النقل فيه، ثم إنه قال: وتسوية الأرض بهم أو عليهم دفنهم أو إن تنشق وتبلعهم أو أنهم يبقون ترابا على أصلهم من غير خلق. قوله: (ولا يقدرون على كتمانه) قيل هو على الوجه الأول عطف على قوله تسوّى بهم الأرض فقوله أي يوذون تفسير للآية على وجه العطف لأنه جعل لا يكتمون في حيزيوذ.
(وههنا شيء) وهو أنّ قوله: ولا يقدرون على كتمانه إن كان تفسيراً للآية على وجه العطف فما الحاجة إلى تقدير القدرة مع أنه فسر بأنهم لا يكتمون وان كان تفسيرا للآية على وجه الحال فالعطف عليه بقوله، وقيل للحال غير مستقيم، وقوله: ولا يكذبونه عطف على لا يكتمون الله حديثا على سبيل البيان والتفسير لأنّ المراد بالكتمان جحدهم بأنه ربهم حتى أدى إلى أن ختم أفواههم وتكلمت جوارحهم بتكذيبهم فافتضحوا، لذلك وتمنوا أن


الصفحة التالية
Icon