مجاهرة لإنفاق لاحتمال أنهم قالوه فيما بينهم أو لم يقولوه لكن أشبهت حالهم من يقوله، وأيضاً المجاهرة بالعصيان لا تنافي نفاقهم بإيهام الدعاء له وعدم إظهار سبه. قوله:) فتلا بها وصرفا للكلام الخ) الفتل والليّ يكون بمعنى الانحراف والالتفات والانعطاف عن جهة، إلى أخرى كما في قوله تعالى: ﴿إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أحَدٍ﴾ [سورة آل عمران، الآية: ١٥٣] ويكون بمعنى ضم إحدى نحو طاقات الحبل على الأخرى فأشار المصنف رحمه الله إلى أنه يجوز أن يكون من الأوّل ومعناه، صرف الكلام عن جانب المدح إلى جانب السب أو المراد أنهم يضمون أحدهما إلى الآخر، والحامل عليه كله النفاق وهو مفعول لأجله أو حال وظاهر كلامه الأوّل، وفسر الطعن بالاستهزاء وأصله الوخز والوقيعة من طعن بالرمح. قوله: (ولو ثبت قولهم هذا الخ) بأن قالوا: ﴿سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾ مكان سمعنا وعصينا واسمع فقعل مكان اسمع غير مسمع وانظرنا مكان راعنا، واسم كان ضمير المصدر المؤوّل وقوله: ﴿خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ﴾ أي مما طعنوا وفتلوا ولا يخفى موقع أقوم في مقابلة الفتل، وجعله فاعل ثبت المقدر لدلالة أنّ عليه إذ هي حرف توكيد وثبت حل في محله وهو مذهب المبرد، وقيل: إنه مبتدأ لا خبر له
قليل التشكي للمهم يصيبه
أو إلا قليلاً منهم آمنوا، أو سيؤمنون (تكأكا اللإين أولؤأ آمتب ة اينوأ بما ترتآ شلإقا
يتا محكم ين تتلي آن تظعش وضهأ تزدئا غل+ آتارتآ) من تبل أن نمحو تخطيط صورها، ونجعلها على هيئة أدبارها يعني الأقفاء، أو ننكسها إلى، ورائها في الدنيا أو في الآخرة، وأصل الطمس إزالة الأعلام الماثلة، وقد يطلق بمعنى الطلس في إزالة الصورة، ولمطلق القلب، والتغيير، ولذلك قيل معناه ممن قبل أن نغير وجوها، فنسلب وجاهتها واقبالها
وقيل خبره مقدر. قوله: (١ لا إيماناً قليلأ الخ) قليلاً جوّز فيه أن يكون منصوبا على ألاستثناء من لعنهم الله أي لعنهم الله إلا قليلاً منهم آمنوا فلم يلعنوا أو من فاعل لا يؤمنون، والقليل عبد الفه ابن سلام رضي الله عنه وأضرابه، وكان الوجه فيه الرفع على البدل لأنه من كلام غير موجب. أو هو صفة مصدر محذوف أي إلا إيمانا قليلاً لأنهم وحدوا وكفروا بمحمد ﷺ وشريعته فالإيمان بمعنى التصديق لا الإيمان الشرعي، أو أنّ المراد بالقليل كما ورد في قول الشاعر، قليل التشكي بمعنى لا تشكي، له والمراد أنهم لا يؤمنون إلا إيمانا معدوما أمّا على حد لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى أي إن كان المعدوم إيمانا فهم يحدثون شيئا من الإيمان فهو من التعليق بالمحال، أو أن ما أحدثوه منه لما لم يشتمل على ما لا بد منه كان معدوما انعدام الكل بجزئه واستعمال القلة في العدم لعدم الاعتداد به ودخوله بقلته طريق الفناء وبهذا التقرير سقط، ما قيل أنّ القلة وإن استعملت في العدم في قولهم قلما يقول ذلك أحد، وأقل رجل يفعل ذلك غير أنّ التركيب الاستثنائي يأباه إذا قلت لم أقم إلا قليلاً إذ معناه انتفاء القيام إلا القليل، أما أنك تنفي، ثم توجب ثم تريد بالإيجاب بعد النفي نفيا فلا لأنه يلزم أن تكون إلا وما بعدها لغوا لأنّ النفي فهم مما قبله فأي فائدة فيه. قوله: (قليل التشكي للمهم يصيبه (كثير الهوى شتى النوى والمسالك
هو من الحماسة وقائله تأبط شرا وقيل أبو كبير الهذلي أي هو كثير الهم مختلف الوجوه والطرق لا يقف أمله على فن واحد بل يتجاوزه إلى فنون مختلفة صبور على النوائب لا يكاد يتشكى منها فاستعمل لفظ قليل وأراد به نفي الكل وقوله: (إلا قليلاَ منهم آمنوا (إشارة إلى أنه مستثنى من لا يؤمنون ومرّ ما فيه. قوله: (من قبل أن نمحو تخطيط صورها الخ (المراد بتخطيط الصور ما صوره الباري بقلم قدرته في الوجه من الحاجب والأنف ونحوه وطمسها أن تسوّي وتجعل كإدبارها أي ما خلفها، وهو القفا فإنه لا تصوير فيه فحينئذ يكون الطمس والردّ على الأعقاب واحداً فلا يناسب عطفه بالفاء إلا أن يؤوّل نطمس بنريد الطمس أو يجعل من عطف المفصل على المجمل، وقوله: أو ننكسها الخ أي نجعل العيون وما معها في القفا فنقلب صورهم وهذا إما مسخ في الدنيا أو أنه يكون في الآخرة لتشهيرهم. قوله:) وأصل الطمس إزالة الاعلام الماثلة الخ) الماثلة بالثاء المثلثة بمعنى المنتصبة في الطرق علامة لها
والماثلة تحريف من الناسخ، وهذا المعنى مشهور في اللسان واللغة كقوله: طامس الإعلام مجهول، من قال: لم نجده في اللغة لا يحتاج إلى الجواب والطلس محو النقوس والصور ولذا أريد به مطلق التغيير سواء كان عن هيئة له أو صفة، والطمس بمعنى التغيير راجعة على إدبارها كناية عن إخراجهم من ديارهم إلى أذرعات أرض الثام وبنو النضير من يهود المدينة وإذا فسر الطمس بالطبع على حواسها والختم عليها فهو استعارة كما مرّ. قوله: (أو نخزيهم بالس! خ الخ) أصل معنى اللعن الطرد والإبعاد وهو عقوبة وخزى فلذا فسره به وأما إرادة المسخ فلأنه إخراج


الصفحة التالية
Icon