من إضافة الشيء لنفسه فالحق في الجواب أن يقال إضافة العام للخاص إذا صدرت من بليغ، وقصد بذكره فائدة فحسنة كمدينة بغداد فإنّ لفظ بغداد لما كان غير عربي
لم يعهد معناه أضيف إليه مدينة لبيان مسماه وتوضيحه، وكشجر الأراك لما كان الأراك يطلق على قضبانه أضيف لبيان المراد، وهكذا وإلا فلغو زائد مستهجن ولذا ترى النحرير يستحسنها تارة فيمثلها بشجر الأراك ويستقبحها أخرى فيمثلها بإنسان زيد وهنا لما كان الأنعام قد يختص بالإبل إذ هو أصل معناه، ولذا لا يقال النعم إلا لها أضميف إليه بهيمة إشارة إلى ما قصد به من العموم، وللنحاة في مثل هذه الإضافة اختلاف فمن اشترط العموم، والخصوص من وجه في الإضافة البيانية قال إنها لامية، ومن لم يشترطه قال إنها بيانية كما ذكره في شرح الهادي فلا يرد ما قيل اشترط في الإضافة بمعنى من كون المضاف إليه جن! المضاف كالفضة للخاتم، وههنا الأمر بالعكس، ومن في البهيمة من الأنعام لا تكون إلا بيانية، وفي خاتم من فضة بيانية أو تبعيضية أو ابتدائية وإذا كان من إضافة المشبه للمشبه به فالأمر ظاهر، وبهذا اندفع قول الإمام رحمه الله أنه لو قال أحلت لكن الأنعام لكان الكلام تاماً بدليل وروده في آية أخرى فأيّ فائدة في زبادة لفظ البهيمة، وكذا قوله إن لفظ البهيمة مفرد، والأنعام جمع فما الفائدة في ذكره لأنه قصد به بيان الجنس فلذا أفرد، وجمع الأنعام ليشمل أنواعها، وللعلامة جواب عنه تركناه لما فيه، وقوله: كل حيّ لا يميز أي ليس من شانه التمييز فلا يرد الصبيّ كما توهم، والاجترار افتعال من الجرّة بالكسرة، وهي ما يخرجه البعير من كرشه، وبعض الحيوانات من جوفه يتعلل به إلى وقت العلف وقوله: (وعدم الآنياب) جمع ناب، وهو سن يختص بسباع الحيوان ولذا يكنى عنها بماله ظفر وناب، وأخر قوله ونحوهما عن قوله المراد كما في الكشاف لأنه المحتاج للبيان فتأمّل. قوله ة) ١ لا محرم ما يتلى لخ) اختلف في هذا الاستثناء فقيل منقطع لأنّ المتلوّ لفظ، والمستثنى منه ليس من جنسه، والمصنف رحمه الله تبعاً للعلامة على أنه متصل مستثنى من بهيمة الأنعام بتقدير مضاف محذوف من ما يتلى عليكم، وهو محرم ليكون عبارة عن البهائم المحرّمة بقوله: ﴿حرمت عليكم الميتة﴾ الخ ونحوه أو من فاعل يتلى أي يتلي آية تحريمه لتكون ما عبارة عن البهيمة المحرّمة لا اللفظ المتلو قال النحرير، ولا يبعد اعتبار التجوّز في الإسناد من غير تقدير، وأمّا جعله مفرّغا من الموجب في موقع الحال أي إلا كائنة على الحالات المتلوّة فبعيد جداً، والمستثنى منصوب، ويجوز رفعه كما تقرّر في النحو. قوله: (حال من الضمير في لكم الخ) في الكشاف نصب على الحال من الضمير في لكم أي أحلت لكم هذه الأشياء لا محلين الصيد وعن الأخفش أن انتصابه عن قوله أوفوا بالعقود وقوله: ﴿وأنتم حرم حال عن محلى الصيد﴾ كأنه قيل أحللنا لكم بعض الأنعام في حال امتناعكم من الصيد وأنتم حرم لئلا نخرّج عليكم، والوجه هو الأؤل وإليه ذهب الجمهور، ولا يرد عليه ما قيل إنه يلزم تقييد إحلال بهيمة الأنعام بحال انتفاء حل الصيد، وهم حرم، وهي قد أحلت لهم
مطلقا، ولا يظهر له فائدة إلا إذا عنى بها الظباء وحمر الوحش، وبقره لأنه مع عدم اطراد اعتبار المفهوم يعلم منه غيره بالطريق الأولى لأنها إذا أحلت في عدم الإحلال لغيرها، وهم محرمون لدفع الحرج عنهم فكيف في غير هذه الحال فيكون بيانا لأنعام الله عليهم بما رخص لهم من ذلك، وبياناً لأنهم في غنية عن الصيد، وانتهاك حرمة الحرم، والعجب أنّ عبارة الكشاف صريحة فيه، ولم يعرّح عليه أحد من شراحه، وقد تنبه له في الكشف لكنه لم ينقحه. قوله: (وقيل من واو أوفوا) هذا قول الأخفش إنه حال من فاعل أوفوا، ولا يخفى ضعفه لما فيه من الفصل بين الحال وصاحبها بجملة ليست اعتراضية إذ هي مبينة، وتخلل بعض أجزاء المبين بين أجزاء المبين، ولا وجه للتقييد به مع أنهم مأمورون بالوفاء مطلقا، والتوجيه السابق لا يجري فيه كما لا يخفى ان قيل إنه أقرب معنى، وان كان أبعد لفظاً لأنّ جعله حالاً من ضمير لكم إنما يصح إذا أريد ببهيمة الأنعام الظباء، وأما إذا أريد الأنعام المستثنى منها البعض على ما صرح به ففيه تقييد الإحلال بهذه الحال وليس كذلك لما علمت من أنه على طرف الثمام، ثم تكلف له ما عبارته منادية على خلافه فقال: ويمكن دفعه


الصفحة التالية
Icon