تكرار العامل ليدل على البدلية، ولو جعل الجار، والمجرور بدلاً من الجار والمجرور كان أظهر، وفي هذا كلام في الرضي، وغيره ولا يضر الفصل بين البدل، والمبدل منه بما قبله لأنه غير أجنبيّ إذ هو من معمولات العامل في المبدل منه، والوجه الثاني أنه متعلق بمحذوف على أنه جواب سائل إلى أيّ نور فقيل إلى صراط الخ.
قوله: (وإضافة الصراط إلى الله إما لأنه مقصده) أي محل قصده، واسم إنّ ضمير الله، وضمير مقصده وله للصراط، وفي نسخة مقصوده بصيغة اسم المفعول. قوله: (وتخصيص الوصفين) أي العزيز الحميد، وكونه لا يذل سالكه لأنّ من سلك طريق العزيز فهو عزيز لا يذل وكذا عدم خيبة من سلكه أو سأل فيه لأنّ المحمود سبيله محمود موصل لكن مقصود، وسابله بالباء الموحدة بمعنى سالك سبيله، وفي نسخة سائله بالهمزة من السؤال، والإضافة بمعنى في أي السائل فيه، ولو عاد الضمير إلى الله لأنه معلوم من السياق لم يبعد، وقيل في وجه التخصيص أنه لما ذكر قبله إنزاله تعالى لهذا الكتاب، واخراج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم ناسب ذكر هاتين الصفتين صفة العزة المتضمنة للقدرة، والغلبة لإنزاله مثل هذا الكتاب المعجز الذي لا يقدر عليه سواه وصفة الحمد لإنعامه بأعظم النعم لإخراج الناس من الظلمات إلى النور. قوله: (على قراءة نافع) أي بالرفع فهو مبتدأ، والذي خبره أو خبر مبتدأ محذوف، والذي صفته، وعلى قراءة الباقين بالجر هو عطف بيان أو بدل من العزيز الحميد، ومن جوز تقديم الصفة على الموصوف يقول إنه صفة مقدّمة لكنه قول ضعيف. قوله: (لآنه كالعلم لاختصاصه بالمعبود الخ الم يجعله علماً على ما ارتضاه في الفاتحة، وليس جعله
كالعلم بالغلبة كالثريا بناء على أنه يراها شرطا في عطف البيان حتى ينافي ما ذكره في البيت الحبرام من أنه عطف بيان كما توهم بل لأن عطف البيان شرطه إفادة زيادة إيضاح لمتبوعه، وهي هنا بكونه كالعلم في اختصاصه بالمعبود بحق، وقد خرج عن الوصفية بالغلبة فليس صفة كالعزيز الحميد وفي قوله على الحق ركاكة، والظاهر بحق، وقوله بالكتاب بيان لارتباطه بما قبله. قوله: (والويل نقيض الوأل وهو النجاة) الوأل بالهمز معناه النجاة، ونقيضه الويل فهو الهلاك، وعدم النجاة فمن بيانية، والجار والمجرور حال أو صفة لويل قالا الراغب: قبوج، وقد تستعمل للتحسر ووشى استصغار وويح ترحم، ومن قال ويل واد في جهنم لم يرد أنه اسم له بل أن من قال الله له ذلك فقد استحق، وثبت له مقر من النار، وفي الكشاف أنه اسم محنى كالهلاك إلا أنه لا يشتق منه فعل إنما يقال ويلا له فينصب نصب المصادر، ثم يرفع رفعها لإفادة معنى الثبات فيقال ويل له كسلام عليك ولما ذكر الخارجين من الظلمات إلى النور توعد الكافرين بالويل، واتصل قوله من عذاب بالويل لأنّ المعنى أنهم يولولون من عذاب شديد، ويضجون منه ويقولون يا ويلاه قال المدقق: يعني أنّ الويل من الذنوب لا من العذاب ألا ترى قوله فويل لهم مما كتبت أيديهم، وأمثاله فأشار إلى أن الاتصال معنوي لا من ذلك الوجه فإنه هناك جعل الويل نفس العذاب وهنا جعله تلفظهم بكلمة التلهف من شدة العذاب، وكلاهما صحيح، ولم يرد أن هناك فصلاَ بالخبر لقرب ما مرّ في قوله سلام عليكم بما صبرتم، واعترض عليه بأنه لا حاجة لما ذكر من التكلف لأنّ اتصاله به ظاهر لا يحتاج إلى صرفه للتلفظ بتلك الكلمة، ومن بيانية كما مرّ لا ابتدائية كما ذكره حتى يرتكب ما ذكر ورد بأن الويل حينئذ عدم النجاة فالإضافة معتبرة في مفهومه، والمضاف إليه خارج فاتصاله به باعتبار المضاف إليه لا يمكن، وهذا خبط فإنّ من إن كانت ابتدائية عنده كما في شرح العلامة فابتداء عدم النجاة متصل بالعذاب، وناشىء عنه، وأن كانت بيانية فهو بمعنى الهلاك فيصح بيانه به، ويتصل به اتصال المبين بالمبين فالحق ورود ما ذكر عليه فتأمل فيه. قوله: (يختارونها عليها فإنّ المختار للشيء الخ) هو بيان لأنه مجاز، وأنّ العلاقة فيه اللزوم في الجملة فلا يضر وجود أحدهما بدون الآخر كاختيار المريض الدواء المر لنفعه وترك ما يحبه، ويشتهيه من الأطعمة اللذيذة فهو مجاز مرسل، ولذا تعدى بعلى، ولو جعل تضمينا صح، وقوله يطلب الخ معنى السين. قوله: (بتعويق الناس عن الإيمان الخ) إشارة إلى أنّ سبيل الله كالصراط المستقيم مجاز عن دينه، وتنكب بمعنى عدل، وحاد عنها، وقوله وليس فصيحا أي بالنسبة إلى اللغة الأخرى