الدال على ما في باطنه من الإيمان كقولهم البشر عنوان الكرم. قوله: (أي اذكروا نعمته وقت إنجائه إياكم) يعني أنّ النعمة مصدر بمعنى الأنعام، واذ متعلقة به أو بكلمة عليكم إذا كانت حالاً لا ظرفا لغوا للنعمة لأنّ الظرف المستقر لنيابته عن عامله يجوز أن يعمل عمله أو هو على هذا معمول لمتعلقه، والنعمة على هذا يجوز كونها بمعنى العطية المنعم بها، ولا يتعين كما هو ظاهر كلام المصنف رحمه الله تعالى أو إذ يدل من نعمة بدل اشتمال. قوله: (أحوال الخ) وجوّز في سورة البقرة أن يكون حالأ منهما جميعا لوجود ما يربطه بهما، وتركه هنا قيل لما فيه من نوع تزاحم الاعتبارين معا ومن شائبة اختلاف العامل، وان أمكن تأويله بأنّ
العامل في آل فرعون، وان كان لفظ من في الظاهر لكنه لفظ أنجاكم في الحقيقة، وهذا الإشكال مع حله يتمشى في الأوّل، ولا يخفى سماجته فإنّ التركيب في السورتين واحد فهذا لو كان محذوراً تركه ثمت أيضاً فلا وجه! لما تكلفه، وضمير المخاطبين مفعول أفجاكم. قوله: (والمراد بالعذاب هاهنا غير المراد به في سورة البقرة الخ) جواب عما يسئل عنه وهو أنه لم عطف ويذبحون هنا ولم يعطف هو في البقرة ويقتلون في الأعراف والقصة واحدة فأشار إلى أنه حيث طرح الواو قصد تفسير العذاب، وبيانه فلم يعطف لما بينهما من كمال الاتصال، وحيث عطف كما نحن فيه لم- يقصد ذلك، والعذاب إن كان المراد منه الجنس فالتذبيح لكونه أشد أنواعه عطف عليه عطف جبريل على الملائكة عليهم الصلاة والسلام تنبيها على أنه لشدته كأنه ليس من ذلك الجنس، وان كان المراد به غيره كاسترقاقهم، واستعمالهم في الأعمال الشاقة فهما متغايران، والمحل محل العطف، وقد جوّز أهل المعاني أن يكون بمعنى، وتفسيرا فيها، وترك عطفه في تينك السورتين ظاهر، وعطفه هنا لعد التفسير لكونه أوفى بالمراد وأظهر بمنزله المغاير فلذا عطف كما في المطول وهو وجه حسن أيضا، وقوله بالتذبيح والقتل لف، ونشر لما في السورتين، ولو قال التقتيل كان أنسب، وثمة إشارة إلى الموضعين، وقوله وععطوف عليه التذبيح، وفي نسخة الذبح، وفي أخرى معطوف عليه التذبيح فهو خبر سببي، وهو ظاهر، ورابطه ضمير عليه حينئذ. قوله: (من حيث إنه بأقدار الله إياهم وإمهالهم فيه) تبع فيه الزمخشريّ وهو إنما فسره به بناء على مذهبه فلو قال من حيث إنه يخلئ الله، وايجاده، وان كان بكسبهم كان أوفى بمذهب أهل السنة، والإشارة على هذا إلى فعل م ل فرعموق بهم، وإنما عدل عنه لأنه مناسب لإمهالهم فتنبه له. قوله: (ابتلاء منه) إمّا كون قتل الأبناء ابتلاء فظاهر، وأمّا استحياء النساء، وهت البنات أي استبقاؤهم فلأنهم كانوا يستخدمونهن، ويفرّقون بينهن، وبين الأزواج أو لأنّ بقاءهن دون البنين رزية في نفسه كما قيل:
ومن أعظم الرز فيما أرى بقاء البنات وموت البنينا
قوله: (ويجوز أن تكون الإشارة إلى الإنجاء والمراد بالبلاء النعمة) فإنّ البلاء هو الابتلاء
سواء كان بالنعمة أو المحنة قال تعالى: ﴿وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ [سورة الأنبياء، الآية: ٣٥] ولذا جوّز أن تكون الإشارة إلى جميع ما مرّ الشامل للنعمة، والنقمة، وجعله إشارة لما ذكر هربا من إسناد ما فعلوا إلى الله على مذهب المعتزلة، ولذا أخره المصنف رحمه الله تعالى. قوله: (من كلام موسى صلى الله عليه وسلم) فهو!، من مقول القول لا كلام مبتدأ وهو معطوف على نعمة الله أو
على إذ أنجاكم في محل نصب جار على جميع الوجوه السابقة، والإعلام بمزيد النعمة لمن شكر نعمه، واحسانه منه أيضاً، وتأذن بمعنى آذن، وهو أعلم بوعده بذلك، والتفعل أبلغ من البلاغة أو المبالغة لأنّ صيغة التفعل للتكلف كتحلم، وما يتكلف فيه يكثر إظهاره، ويبالغ فيه فلهذا يستعمل في لازم معناه فيدل على ما ذكر كما وصف الله بالمتوحد فقوله، والمبالغة معطوف على التكلف لبيان المراد منه دفعا لما يتوهم من أنه غير مناسب للمقام. قوله: (بالإيمان الا بد من تأويله بالثبات على الإيمان أو إخلاصه لأنهم كانوا مؤمنين، ولذا قيل لو صزح به كان أظهر وقيل إنه ذكر توطئة للعمل الصالح لأنه أساسه وفيه نظر وقوله نعمة إلى نعمة يفهم من زيادة النعم سبق نعم أخر فلذا فسر بما ذكر، وأيضا لفظ الشكر الدال على سبق النعم فليس الزيادة لمجرّد الأحداث فافهم. قوله: (فلعلي أعذبكم على الكفران)