أو لأنه محترم عظيم الحرمة لا يحل انتهاكها أو لأنه حرم على الطوفان أي منع منه كما سمي عتيقا فذكر في وجه تسميته به أربعة وجوه بناء على أنّ الحرمة التعظيم أو الحرمة الشرعية، وأنه حقيقة فيه أو باعتبار أمر آخر، والمصنف رحمه الله تعالى لما رأى تقاربها أدرجه فيما ذكر، وقوله ولذلك سمي عتيقاً أي لأنه أعتق من الطوفان، وقيل لقدمه. قوله: (ولو دعا بهذا الدعاء الخ) جواب لو قوله فلعله بناء على أنه قد يقترن بالفاء أي إن ثبت أنه دعا الخ فلعله، وفي نسخة ودعا بدون لو وهي ظاهرة، والمقصود توجيه قوله ﷺ عند بيتك المحرم فإنه إنما بني بعد ذلك فلا يكون الإسكان عنده، وحاصله أنّ الإسكان عند موضعه وكونه موضعا إما باعتبار ما كان لأنه كان مبنياً قبله لكنه رفع وقت الطوفان أو باعتبار ما سيؤول إليه لأنه بناه بعد ذلك في مكانه الآن. قوله: (روي أن هاجر الخ) هو بفتح الجيم اسم أم إسماعيل عليه الصلاة
والسلام، وقوله كانت لسارة أي ملكاً، وجارية لها، وسارة امرأة إبراهيم عليه الصلاة والسلام وقوله فغارت بالغين المعجمة من الغيرة، وهي معروفة، وقوله فناشدته أي أقسصت عليه أو طلبت منه الحلف على ذلك فحلف لها، واخراجها كان يوحي من الله لا بمجرّد رعايتها، وجرهم بضم الجيم والهاء، وسكون الراء المهملة حيّ من اليمن، وهم أصهار إسماعيل عليه الصلاة والسلام، وكانوا خرجوا من ديارهم لقحط أو وباء، وقصتهم وقصة زمزم مفصلة في أوّل سيرة ابن هشام، وهذا مرويّ كأ البخاري بمعناه أيضا. قرله: (وهي متعلقة بأسكنت أي ما أسكت! هم بهذا الوادي الخ) أي الجار والمجرور، متعلق بأسكنت المذكور بدليل قوله، وتوسيطه الخ وعلى هذا فالحصر مستفاد من السياق لأنه لما قال بواد غير ذي زرع نفى أن يكون إسكانهم لأجل الزراعة، ولما قال عند بيتك المحرم أثبت أنه مكان عبادة فلما قال ليقيموا أثبت أنّ الإقامة عنده عبادة، وقد نفى كونها للكسب فجاء الحصر مع ما في تكرير ربنا من الإشارة إلى أنه هو المقصسود، وهذا معنى لطيف، ولا ينافيه الفصل بقوله ربنا لأنه اعتراض لتأكيد الأوّل، وتذكيره فهو كالمنبه عليه فلا حاجة إلى ما قيل إنه متعلق بأسكنت مؤخر مقدر غير الأوّل، وأنّ الحصر مستفاد من تقديره مؤخراً كما رجحه بعض الشراج، وعند مالك رحمه الله تعالى أنّ التعليل يفيد الحصر فانه استدل بقوله لتركبوها على حرمة أكلها كما بين في أصولهم، والبلقع القفر الذي لا شيء فيه، وقوله من كل مرتفق ومرتزق متعلق بالبلقع لتضمنه معنى الخالي، وهما يحتملان المكان، والمصدرية، والارتفاق الانتفاع كما يقال بكرمك أثق، وعلى سوددك أرتفق، ومرافق الدار المتؤضأ والمطبخ. قوله: (وقكلرير النداء وتوسيطه الخ) اعتذار عن إعادته، والفصل الذي تمسك به من قدر له متعلقا آخر إشارة إلى أنّ النداء لتأكيد الأوّل فلا يمنع التعلق، ولا يرد ذلك أنّ النداء له صدر الكلام فكيف تعلق ما بعده بما قبله، ولا بد من تكرر النداء للإشعار بما ذكره فإنه لو توسط من غير أن يذكر أولاً لم يشعر بأنها المقصودة من الدعاء السابق، وكذا لو لم يتوسط. قوله: (وقيل لام الأمر الخ) هي على الأوّل جارة، والفعل منصوب بأن المقدرة بعدها، وعلى هذا هي لام الأمر الجازمة، والأمر للدعاء، وقوله كأنه طلب منهم الإقامة إنما قاله لأنه شامل لغير الموجودين كما في سائر الأمور، وأيضا المدعوّ هو الله فكان الظاهر إسناده له، والسؤال من الله مأخوذ من قوله ربنا فكأنه قال يا ربنا وفقهم لإقامة
الصلاة، وخصها لأنها عمود الدين. قوله: (أي أفئدة من أفئدة الناس ومن للتبعيض) قدم هذا لأنه أظهر، وقدر من أفئدة الناس ليدل على عدم العموم المذكور بعده لأنّ جميع الأفئدة بعض الناس لا بعض أفئدة الناس وقوله لازدحمت بناء على الظاهر من إجابة دعائه، وكون الجمع المضاف يفيد الاستغراق. قوله: (أو للابتداء كقولك القلب مني سقياً) أي المعنى نشأ سقم هذا العضو من جهتي، وقيل عليه إنه لا يظهر كونها للابتداء لأنه لا فعل هنا مبتدأ منه لغاية ينتهي إليها إذ لا يصح ابتداء جعل الأفئدة من الناس ورد بأنّ فعل الهوى للأفئدة مبتدأ به لغاية ينتهي إليها ألا ترى إلى قوله إليهم، وإن لم يتعين كون من في الآية، والمثال لاحتمال التبعيض احتمالاً ظاهراً، وأورد عليه أنّ الابتداء في من الابتدائية إنما هو من متعلقها إلا مطلقا، وان جعلناها


الصفحة التالية
Icon