المراد على هذا الوجه بالأرض معناها العرفي، وهي دار الدنيا، وما فيها من الشهوات الفانية، وقد مر تفسيرها وذكرت بهذا اللفظ تحقيراً لها، وترك الوجه الآخر المذكور في الكشاف، وهو تنزيل الفعل منزلة اللازم ثم تعديته، وأنّ المراد لأحسنن الأرض، وأزينيا لهم حتى يشتغلوا بها عن الآخرة كما بين في شروحه. قوله: (وفي انعقاد القسم بأفعال الله تعالى خلاف) وقع في كتب الشافعية والحنفية، والنزاع في أنه يمين يترتب عليها أحكامها من الكفارة، وغير ذلك، ولا خلاف في أنّ الحلف والقسم في عرف العرب يقع عليه، وهو متعارف عندهم، ولهذا ورد النهي عن الحلف بالآباء، وعدّه الأصحاب هـ صحروهاً فلذا قيل إنّ! ذكره المصنف رحمه الله لا مساس له بالمقام، وليس بشيء لأنه استطراد الكلام الفقهاء إلا أنّ الصفة إذا لم تشعر بتعظيم ويتعارف منها ليست بيمين عندهم، وكلام المصنف رحمه الله موهم بأنّ الخلاف فيها مطلقاً، وكذا ما قيل إنّ أقسام إبليس بإغوائه بلا إنكار من الله يصلح دليلا للقائلين بجواز الحلف الشرعي بفعل من أفعاله تعالى فمساسه للمقام ظاهر فإنه كيف يصلح دليلا، وليس محلاً للنزاع عندنا، وعندهم فتأمّل. قوله: (وقيل للسببية) قيل إنه أولى لأنه وقع في مكان آخر فبعزتك، والقصة واحدة، والحمل على محاورتين لا موجب له، ولأنّ القسم بالإغواء غير متعارف، ولعله لذلك رجح السببية في الأعراف، وفيه نظر لأنّ قوله فبعزتك يحتمل القسمية، وقد صرّج الطيبي رحمه الله بأنّ مذهب الشافعية أنّ القسم بالعزة، والجلال يمين شرعاً فكيف تكون تلك الآية مؤيدة لمذعاه، وهي
عليه لا له. قوله: (والمعتزلة أوّلوا الإغواء بالنسبة إلى الغيئ) أي المراد من الإغواء نسبته إلى الغيّ كفسقته نسبته إلى الفسق لا فعلته أو أنّ المراد فعل به فعلاً حسنا أفضى به لخبثه إلى الغيّ كأمره بالسجود على ما في الكشاف، وقد ذكره المصنف رحمه الله في الأعراف، وفسر به الآية ثمة فلذا قيل إنه ذكره على أنه أحد محتملات النظم من غير التزام له، وانكار لجواز نسبة مسببه إليه، والإضلال عن طريق الجنة ترك هدايته اللطف به فليس فيه نسبة القبيح إلى الله حتى يلزمهم الوقوع فيما فرّوا منه. قوله: (واعتذروا عن إمهال الله له الخ) أي المعتزلة اعتذروا عن أنظار إبليس وهو لإفضائه إلى الإغواء قبيح إذ الإعانة على القبيح مثله لا مطلق العلماء فإنّ أهل السنة ذكروه على أنه حكمة لا لأنهم لم يذكروه على وجه الاعتذار إذ لا حاجة إليه عندهم، وقوله بأنّ الله متعلق باعتذاو. قوله: (وضعف ذلك لا يخفى على فوي الألباب (لأنه مع أن مثله ينبغي أن يفوّض إلى الله فإنه لا يسئل عما يفعل لا يناسب أصولهم أيضاً في وجوب رعاية الأصلح فإنه يقتضي أن لا يمكن مما هو سبب الغيّ، وأن لا يسلطه على بني آدم فيزيد غيهم المقتضى لشدّة تعذيبهم، وما التجؤوا إليه من قولهم أن في إمهاله تعريضاً الخ يعني أنّ إمهاله ليس لما ذكر بل لتعريض بني آدم للثواب، ولا يرد عليه إنه معارض! بالمثل فإنّ فيه تعريضاً لمتبعيه بخلافه. قوله: (ولأحملنهم أجمعين على الغواية الخ) أوّله ردّا على المعتزلة في تمسكهم به لأنّ الإغواء القبيح فعل الشيطان لا فعل الله، ولذا نسب له، وحاصله أنه لا متمسك لهم فيه لأنّ المراد الحمل عليه لا إيجاده لقوله سابقا بما أغويتني حيث أسند الإغواء إليه فإنّ أوّلوا الأوّل فليس تأويل أولى من تأويل. قوله: (أخلصتهم لطاعتك (تفسير له على فتح اللام وأنه اسم مفعول، وعلى الكسر معناه ما ذكره، وقال! في سورة يوسف أخلصوا دينهم لقوله: ﴿مخلصين له الدين مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [سورة الأعراف، الآية: ٢٩] وقوله وطهرتهم من الشوائب أي من كل ما ينافي الإخلاص وقوله فلا يعمل فيهم كيدي إشارة إلى أنه من ذكر السبب وارادة مسبيه، ولازمه على طريق الكناية لينتظم اللحاق بالسباق فإنه كان الظاهر أنّ منهم من لا أغويه لكن الإخلاص، والتمحض دئه يستلزمه فذكر ليثبت ما ذكر بدليل فهو ابلغ من التصريح به قوله: (حق على ان اراعيه) كذا فسره في الكشاف بناء على مذهبه في الأصلح على الله وكلمة على
تستعمل للوجوب، وما ذكره المصنف رحمه الله ليس متابعة له بل هو على اصل اهل السنة، والجماعة كقوله: ( ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ) [سورة الروم، الآية: ٤٧] من أنه، وان كان تفضلاَ منه إلا أنه شبه بالحق الواجب لتأكد ثبوته، وتحقق وقوعه بمقتضى وعده، وعلى الوجه الآتي هو كقولهم طريقك عليّ، وايثار حرف الاستعلاء دون إلى التشبيه الثبوت بتمكن الاستعلاء، والا فهو منزه عن استعلاء شيء عليه تعالى الله


الصفحة التالية
Icon