ليردّوه كقوله: ﴿هَذَا رَبِّي﴾ [سورة الأنعام، الآية: ١٧٧ أو على التقدير أي قدروه منزلاً مجاراة ومشاكلة. قوله: الا تحقيق فيه) تفسير للأساطير وقوله والقائلون له أي للجواب المذكور، والمقتسمون هم الذين جعلوا القرآن عضين، وقد مرّ تفسيره. قوله: (أي قالوا ذلك إضلالاً للناس الخ (يشير إلى أن اللام لام العاقبة لأن ما ذكر مترتب على فعلهم، وليس باعثا ولا غرضا لهم كما بينه بقوله فحملوا لأنهم لم يصفوا القرآن بكونه أساطير الأوّلين لأجل أن يحملوا الأوزار لكن عاقبتهم ذلك إمّا مجازاً، وامّا حقيقة على معنى أنه قدر صدوره منهم ليحملوا،
وقد قيل أيضاً أنها للتعليل وإنها لام أمر جازمة، والمعنى أنّ ذلك متحتم عليهم فيتمّ الكلام عند قوله أساطير الأوّلين، وقوله إضلالاً يبين أن حمل أوزارهم ليس علة، وهم يعتقدون أنهم محقون لا ضالون مضلون فإنه غير مسلم، ولو سلم فالمراد قصدوا ما يصدق عليه إنه إضلال لا مفهوم الإضلال، وفيه نظر. قوله:) فإنّ إضلالهم نتيجة رسوخهم في الضلال) توجيه للوصف بالكمال، وقوله: (وبعض أوزاو ضلال من يضلونهم الخ (يشير إلى أن من تبعيضية لأنّ مقابلته لقوله كاملة يعينه، والمعنى مثل بعض أوزارهم فلا وجه لجعل من زائدة، ولا يرد عليه ما ورد في الحديث كما قيل وهو: " من سق سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص! ذلك من أوزارهم شيئاً لأنّ للتابعين أوزارا غير ذلك ". قوله: (خصة التسبب) لأنّ ضلال من أضلوه من حيث المباشرة على المباشر ومن حيث التسبب على المضل من غير نقص، وفاعل يضلونهم ضمير القائلين ومفعوله ضمير الوافدين. قوله:) حال من المفعول الخ (أي أنهم يضلونهم حال كونهم جاهلين، وفيه تنبيه على أنهم إنما يضلون الجهلة الأغبياء، ويجوز أن يكون حالاً من الفاعل أي يضلونهم جهلاً منهم بما يستحقونه من العذاب الشديد على ذلك الإضلال، وكونه محدثاً عنه يعارضه القرب فلا يصلح مرجحا وإن رجحه الواحدي وقد رذه في الكشف، وكونه حالاً منهما كما نقل عن ابن جنيّ خلاف الظاهر، وقوله بض شيئا قد مر تحقيقه، وان ساء من باب بئس. قوله: (سووا منصوبات الخ) سوى بمعنى صنع، والمنصوبة كما نقل عن الزمخشري الحيلة يقال سوى فلان منصوبة، وهي في الأصل صفة للشبكة، والحبالة فجرت مجرى الاسم كالدابة، والعجوز ومنه المنصوبة في لعب الشطرنج، وقوله: ليمكروا بها رسل الله أي ليخدعوا، ولما كان بمعناه عداه تعديته، ولما كان المكر صرف الغير عما يقصده بحيلة، وما بعده يدل على أنهم لم يصرفوهم أشار إلى أنه مجاز هنا عن مباشرة أسباب المكر، وترتيب مقدماته ولو جعل تجريداً صح، وما قيل إنه أخرج مكر عن ظاهره فاحتاج إلى تقدير معنى ليناسب كونه تمثيلاً مع ما فيه من الإشارة إلى عدم وقوع المكر
منهم حقيقة بل مقدماته، والا لغلبوا على الرسل عليهم الصلاة والسلام لا يخفى ما فيه من التطويل من غير طائل. قوله: (فأتاه أمره) حقيقة الإتيان المجيء بسهولة كما قاله الراغب ولما كان هذا معناه الأصلي حمله المصنف رحمه الله تعالى عليه فاحتاج إلى تقدير مضاف، وهو الأمر، ولو جعل من قبيل أتى عليه الدهر بمعنى أهلكه، وأفناه على ما في الكشاف لم يحتج إليه وضمير أتاه بالتذكير كما في بعض النسخ للبنيان لأنه اسم مفرد مذكر قاًل تعالى ﴿كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ﴾، وفي أكثرها فأتاها بالتأنيث بناء على ما نقله الراغب عن بعض أهل اللغة من أنه جمع بنيانة على حد نخلة، ونخل وهذا، ونحوه يصح تذكيره، وتأنيثه. قوله: (من جهة العمد) بضم العين، والميم وجوز تسكينها أو بفتحهما جمع عمود، وهو والقاعدة بمعنى الدعامة، وضعضعت بالبناء للمفعول بمعنى هدمت ومنه ضعضعه الدهر إذا أذله وتضعضع بمعنى استكان قال:
إني لريب الدهر لا أتضعضع
وقوله من جهة الخ إشارة إلى أنّ من ابتدائية وقوله: (وصار سبب هلاكهم (وفي نسخة فصار بالفاء أي ما صنعوه ليكون سببا لبقائهم صار سببا لهلاكهم وفنائهم وانعكاس رجائهم وهو غاية الخيبة والحسرة عليهم وقوله: ﴿مِن فَوْقِهِمْ﴾ متعلق بخرّ ومن لابتداء الغاية أو متعلق بمحذوف على أنه حال من السقف مؤكدة وقيل إنه ليس بتأكيد لأنّ العرب تقول خبر علينا سقف، ووقع علينا حائط إذا انهدم في ملكه، وان لم يقع عليه، دماليه أشار المصنف رحمه الله تعالى بقوله صار سبب هلاكهم. قوله: الا يحتسبون ولا يتوقعون (التوقع ترقب الوقوع، وهو في موقعه هنا، وقيل فسر عدم الشعور به لأنه أفحش منه لاجتماع عدم الشعور مع العلم بأصل الوقوع


الصفحة التالية
Icon