بأنزل على هذا الاحتمال، وما قيل من أنه لم يجعله منصوباً بأنزل لأنّ هذا القول ليس منزلاً من الله، وفيه تفوت المطابقة حينئذ كلام ناشئ من عدم التدبر، وقوله دار الآخرة إشارة لتقدير المخصوص بالمدح على المذاهب المعروفة فيه، والقرينة عليه لفظية وهي تقدمه في الذكر كما ذكره، وعلى الوجه الآخر فهو مذكور، وقوله خبر مبتدأ أي هي أو الخبر محذوف، وهو لهم وتجري الخ جملة حالية أو صفة إن لم يكن جنات علماً. قوله: (وفي تقديم الظرف) يعني فيها تقدمه يفيد الحصر، والموصول هنا للعموم بقرينة المقام فيدل على ما ذكر، وقوله مثل هذا الجزاء نجزيهم
مر تحقيقه. قوله: (وهو يؤيد الوجه الآؤل) يعني كون قوله للذين أحسنوا عدة فإنّ جعله جزاء لهم ينظر إلى الوعد به من الله، وإذا كان مقول القول لا يكون من كلام الله حتى يكون وعداً منه تعالى، وقيل إنّ المراد بالوجه الأوّل كون جنات عدن خبر مبتدأ محذوف لأنه إذا كان مخصوصا بالمدح يكون كالصريح في أن جنات عدن الخ جزاء للمتقين فيكون قوله كذلك الخ تأكيداً بخلاف ما إذا كان خبر مبتدأ محذوف فإنه لم يعلم صريحا أنّ جنات عدن جزاء للمتقين، وفيه نظر وقوله الذين تتوفاهم الملائكة يحتمل الرفع والنصب، وأن يكون مبتدأ خبره يقولون. قوله: (طاهرين من ظلم أنفسهم بالكفر والمعاصي الخ) مقتضى المفابلة أن يفسر طيبين بالطاهرين عن الكفر فقط فإنّ ظالمي أنفسهم صفة الكافرين، وقد قال المصنف رحمه الله تعالى هناك في تفسيره عرّضوها للعذاب المخلد لكن وصفهم بأنهم متقون موعودون بالجنة في مقابلة الأعمال يقتضي ما ذكر، وذكر الطهارة عن الكفر وحده لا فائدة فيه بعد وصفهم بالتقوى، وقال الطيبي رحمه الله تعالى أمّا المعاصي فإنّ قوله ظالمي أنفسهم مجاب بقولهم ما كنا نعمل من سوء فتأقل. قوله: (وقيل فرحين ببشارة الملافكة الخ) فالمراد بالطيب طيب النفس، وهو عبارة عن القبول مع انشراح الصدر، وقوله إلى حضرة القدس حضرة مقحم للتعظيم كما يقحم المقام، والمجلس لذلك، وفي نسخة حظيرة بالظاء المشالة، وهي ظاهرة، وقوله لا يحيقكم أي لا يلحقكم، وبعد مبنيّ على الضمّ، والمكروه كل ما تكرهه النفس. قوله: (حين تبعثون فإنها معدة لكم على أعمالكم الخ) حين متعلق بقوله يقولون لا بادخلوا فإنّ الدخول ليس في حين البعث بل بعده، والأمر لا يقتضي الفور حتى يحتاج إلى أن يقال إنها حال مقدرة، والمتبادر من الدخول دخول الأرواح في الأبدان لا دخول الأرواج فقط حتى يقال إنه لا حاجة إلى ما ذكر من التأويل، ودخول الأرواج هو المراد في حديث: " إن القبر روضة من رياض الجنة " وكذا قوله أغرقوا فأدخلوا ناراً نعم لو أريد ذلك صح وكان وجها آخر. قوله: (على أعمالكم) على سببية كما في قوله: ﴿عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ [سورة البقرة، الآية: ١٨٥] وقد حملت الباء على المقابلة دفعا للتعارض! بين الآية، وحديث: " لن يدخل أحدكم الجنة بعمله " وقد
ثبت في الأصول أنّ العمل غير موجب للجنة، وقد دفع أيضاً بحمل الحديث على السببية الحقيقية الموجبة، والآية وأمثالها على السببية الحاضرة، وقريب منه أن الله سبب الأسباب، وقد جعلها سببا بمقتضى، وعده تكرّماً منه. قوله: الي قيل هذا التوفي وفاة الحشر) فالمراد بها غير المعنى المتعارف، وهو الذي في قوله ووفيت كل نفس ما كسبت أعني تسليم أجسادهم، وايصالها إلى موقف الحشر من توفي الشيء إذا أخذوه وافياً، وقوله ما ينتظر الكفار قد مرّ في الأنعام أنّ الانتظار مجار لأنهم شبهوا بالمنتظرين للحوقه لهم لحوق ما ينتظر فكأنهم لفعلهم ما يوجب العذاب منتظرون له فهو استعارة. قوله: (لقبض أرواحهم) يعني أنهم لا يرتدعون عن كفرهم بما شاهدوه، وسمعوه من البيان حتى يصير الأمر عيانا فيصدقوا حيث لا ينفع التصديق لأنّ الإيمان برهاني، وقيل المعنى هل ينتظرون في تصديقك إلا أن تنزل ملائكة تشهد بنبوّتك فهو كقوله لولا أنزل عليه ملك، وأو في قوله أو يأتي أمر ربك لمنع الجمع على هذا التفسير، وكذا على التفسير الآخر أما إذا فسر بالقيامة فقد أورد عليه أنه يجامعها فليس محلالاً والفاصلة ورذ بأنها لمنع الخلو، وفيه بحث. قوله: (من الشرك والتكذيب (يعني المشار إليه بذلك ما دلت عليه الآيات السابقة من الشرك والتكذيب لأنه سبب لإصابة السيئات، وما بينهما اعتراض واقع في حاق موقعه، وجعله راجعا إلى المفهوم


الصفحة التالية
Icon