فيلزم الانفكاك فهو مناسب لمذهب المعتزلة، إلا أن يراد بها مطلق الطلب أو يراد تعلق الإرادة بالبعض لا بالكل إذ ليس فيه نص على كلية، وجزئية.
قوله: (المكرات السيئات) لما كان مكر لازماً جعل صفة للمصدر فهو مفعول مطلق،
ويجوز أن يكون مفعولاً به لتضمينه معنى فعل أو لا من بتقدير مضاف أو تجوّز أي عقاب السيئات أو على أنّ السيئات بمعنى العقوبات التي تسوءهم، وأن يخسف بدل منه، وعلى ذينك الوجهين هو مفعول أمن، والاستفهام إنكاريّ، ومعناه النفي وعدم وقوع الأمن على الأوّل، وعدم الانبغاء على الثاني، والباء في يخسف بهم للتعدية أو للملابسة وسيأتي تفصيله في سورة الملك. قوله: (بغتة من جانب السماء) كون ما لا يشعر به بغتة ظاهر وأمّا كونه من جانب السماء فإنه أراد به ظاهره فالتخصيص به لأنه لا يشعر به غالبا بخلاف ما يأتي من الأرض فإنه محسوس في الأكثر، وان أراد به ما لا يكون على يد مخلوق سواء نشأ من الأرض أو السماء كماقيل:
دعها سماوية تجري على قدر
فيكون مجازا لكنه لا يلائم قوله كما فقل بقوم لوط عليه الصلاة والسلام وإن كان المثال
لا يخصص، وأمّا ما قيل الظاهر أنّ هذه الآية، وما بعدها معناهما معنى قوله: ﴿فَجَاءهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ﴾ فالمراد من هذه اتيانه حال نومهم وسكونهم ولا يلزم أن يكون من جانب السماء، والثانية حال يقظتهم، وتصرفهم فمع كونه لا قرينة عليه لا يناسب ما استشهد به. قوله: (متقلبين الخ) يشير إلى أنّ قوله في تقلبهم حال، ويصح أن يكون لغوأ وما ذكر بيان لحاصل المعنى، والتقلب الحركة اقبالاً وادباراً. قوله: (على مخافة بأن يهلك قوماً الخ) فالتخوّف تفعل من الخوف، والجار والمجرور حال من الفاعل أو المفعول كما قاله أبو البقاء رحمه الله تعالى: والظاهر أنه من المفعول، وقوله أو على تنقصى شيئا بعد شيء فيكون المراد مما قبله عذاب الاستئصال، ومنه الأخذ شيئا فشيئاً من قوله تخوّفه، وتخونه إذا انتقصه، وقال الراغب: تخوّفناهم تنقصناهم تنقصاً اقتضاه الخوف منه، وقول عمر رضي الله تعالى عنه ما تقولون فيها أي في معنى هذه الآية، والمقصود السؤال عن معنى التخوف، وأبو كبير بالباء الموحدة شاعر هذلي معروف، والبيت من فصيدة له مذكورة في شعر هذيل، وفي كلام المصنف رحمه الله تعالى إصلاج لما في الكشاف من نسبة البيت لزهير مع أنه ليس له، وهو مناقض لما نقله من قول الهذلي شاعرنا فإن زهيراً ليس بهذلي. قوله: (تخوّف الرحل البيت)
الرحل بالحاء المهملة رحل الناقة، وهو معروف والتامك بالمثناة الفوقية السنام المشرف، والقرد بمتح القاف، وكسر الراء المهملة، وبالدال المهملة يقال صوف قرد أي متلبد وسحاب قرد أي ركب بعضه بعضا، والتبع شجر يتخذ منه القسى، والسفن بفتح السين المهملة، وفتح الفاء والنون، هو المبرد والقدوم يصف ناقة أثر الرحل في سنامها فأكله، وانتقصه كما ينتقص المبرد العود والديوان الجريدة من دوّن الكتب إذا جمعها لأنه قطع من القراطي! مجموعة، ولا تضلوا مجزوم لأنه جواب الأمر، وهو عليكم لأنه اسم فعل أمر وفي نسخة من الكشاف لا يضل وعود النبعة من إضافة العام للخاص، وقيل المسمى للاسم. قوله:) حيث لا يعاجلكم بالعقوبةأ فإن عدم المعاجلة لرحمته بعباده، وإسهالهم ليرجعوا عما هم عليه فهذا سبب أمنهم فهو كالتعليل للمستفهم عنه فتأمل. قوله:) أي قد رأوا أمثال هذه الصنائع الخ (أي رأوا هذه الصتائع، وأمثالها فليس الأمثال مقحماً وليس من قبيل مثلك لا يبخل، والصنائع هي المذكورة من هنا إلى قوله الهين اثنين، والرؤية بصرية مؤدية إلى التفكر كما أشار إليه بقوله فما بالهم لم يتفكروا، وهو المقصود من ذكر الرؤية، وقراءة التاء على الالتفات أو تقدير قل أو الخطاب فيه عام. قوله:) وما موصولة مبهمة بيانها يتفيؤوا الخ (الذي في الكشاف أن من شيء بيان، وهو الظاهر، ولكن لما كان كونها شيئا أمراً غنيا عن البيان، وإنما ذكر توطئة لصفته لأنها المبينة في الحقيقة عدل عنه المصنف رحمه الله تعالى إلى ما ذكر لأن البيان في الحقيقة إنما هو بالصفة، وقيل من ابتدائية لا بيانية، والمراد بما خلق عالم الأجسام المقابل لعالم الأرواج، والأمر الذي لم يخلق من شيء بل وجد بأمركن كما قال: ﴿أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ﴾ [سررة الأعراف، الآية ٥٤٠، ولا يخفى بعده وأمّا ما أورد عليه من أن السماوات، والجن من عالم


الصفحة التالية
Icon