الجن كذلك لأنه لا يلزم في مثله الاطراد، وأمّا عدم التوالد فلا يناسب ذلك. قوله: (تنزيه له من قولهم) فهو حقيقة، وقوله وتعجب منه، وفي نسخة أو بدل الواو وفي أخرى تعجيب من التفعيل، وأحسنها أو تعجيب لأنه معنى مجازي، والأوّل حقيقي، والتعجب لا يوصف الله به كما مرّ تحقيقه إلا أن يؤوّل بأنه راجع، إلى العباد أو يكون المراد منه التوبيخ فإنّ المتعجب منه مستقبح يوبخ به فاعله فتأمل. قوله: (الرفع بالابتداء) والخبر لهم والجعل كناية حينئذ عن الاختيار لأن من جعل قمسما لغيره، وقسماً لنفسه فقد اختاره، وقوله وهو- وان أفضى الخ دفع لما أورده الزجاج، وغيره من أنه مخالف للقاعدة النحوية، وهو أنه لا يجوز تعدي فعل المضمر المتصل المرفوع بالفاعلية، وكذا الظاهر إلى ضميره المتصل سواء كان تعديه بنفسه أو بحرف الجر إلا في باب ظت وما ألحق به من فقد، وعدم فلا يجوز زيد ضربه بمعنى ضرب نفسه، ولا زيد- عرّ به أي مرّ هو بنفسه، ويجوز زيد ظنه قائماً وزيد فقده وعدمه وكذا لا يجوز زيدا ضبربه فلو كان مكان الضمير اسم ظاهر كالنفس أو ضمير منفصل نحو زيد ما ضرب إلا إياه، وما ضرب زيداً إلا إياه جاز فإذا عطفت ما على البنات موصولة أو مصدرية أدّى إلى تعدية فعل المضمر المتصل، وهو واو ويجعلون إلى ضميره المتصل، وهو هم المجرور باللام في غير ما استثنى وهو ممنوع عند البصريين ضعيف عند غيرهم فكان حقه أن يقال لأنفسهم، وقد اعترض أبهو حيان طى هذه القاعدة بقوله تعالى: ﴿وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ﴾ [سورة مريم، الآية: ٣٥] ﴿وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ﴾ [سورة القصص، الآية: ٣٢] والعجب أن منهم من ن! سب هذا لنفسه، وأجيب عنه بأنّ الممتنع إنما هو تعدي الفعل بمعنى وقوعه عليه أو على ما جر بالحرف نحو زيد مرّ به فإنّ المرور واقع بزيد وما نحن فيه ليس من هذا القبيل فإنّ الجعل ليس واقعا بالجاعلين بل بما
يشتهون، ومحصله المنع في المتعذي بنفسه مطلقاً، والتفصيل في المتعدي بالحرف بين ما قصد الإيقاع عليه، وغيره فيمتنع في الأوّل دون الثاني لعدم ألف إيقاع المرء بنفسه، وهذا تفصيل حسن غفل عنه المعترض!، ومن تبعه، والمصنف رحمه الله تعالى دفعه بطريق آخر، وهو أن امتناعه إنما هو إذا تعذى أوّلاً لا ثانيا، وتبعاً فإنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع، وقد أيد ذلك بأنه يجوز إذا انفصل الضمير كزيد ضرب أباه، وفصل العطف ليس بأقل منه وفيه نظر ظاهر، ومنهم من خصه بالمتعذي بنفسه، وجوّزه في المتعدّي بالحرف، وارتضاه الشاطبي في شرح الألفية وهو قوقي عندي. قوله:) أخبر بولادتها الما كانت البشارة الأخبار بما يسرّ وولادة الأنثى تسوءهم أشار إلى أن البشارة هنا بمعنى مطلق الأخبار وفيه مضاف مقدر، ويحتمل أنه بشارة باعتبار الولادة بقطع النظر عن كونها أنثى وكلامه يحتمله، وقيل إنه حقيقة بالنظر إلى حال المبشر به في نفس الأمر. قوله: (صار أو دام النهار كله) يعني أن أصل معناه دوام على الفعل في النهار فإمّا أن يكون على أصل معناه لأنّ أكثر الوضع يكون ليلا فيبشر به في يوم ليلته فيظل نهاره مغتما أو أنه بمعنى صار كما يستعمل أصبح وأمسى وبات بمعنى الصيرورة، وقوله النهار منصوب على الظرفية أي دام على فعله في النهار كله، ويجوز رفعه على الإسناد المجازي. قوله: (من الكآبة والحياء من الناس الخ (الكآبة بسكون الهمزة، وفتحها ممدودة الغمّ، وسوء الحال والانكسار من حزن. قوله:) واسوداد الوجه كناية عن الاغتمام والتشوير) سواد الوجه وبياضه يعبر به عن المساءة، والمسرّة وجعله كناية لا مجازا باعتبار أن من يغتم قد يلاحظ فيه سواد وجهه كما يسوذ وجه المخنوق لكن الظاهر أنه مجاز والتشوير من شور به إذا فعل به فعلاً يستحيا منه فتشوّر من الشوار، وهو الفرج والعرب تقول في الشتم أبدى الله شواره، والمراد به هنا الاستحياء والمعنى أنه الاغتمام أو الافتضاح القوفي. قوله:) مملوء غيظاً من المرأة (يشير إلى أن أصل الكظم مخرج النفس يقال أخذ بكظمه، ومنه كظم الغيظ لإخفائه وحبسه عن الوصول إلى مخرجه، ويقال كظم السقاء إذا مده بعد ملئه لمنعه عن خروج ما فيه، وكظيم بمعنى مشتد الغيظ مأخوذ من هذا كما أشار إليه المصنف رحمه الله تعالى، وقد مر تفصيله في سورة يوسف. قوله: (من سوء المبشر به عرفاً الخ (عرفا قيد لسوء ويجوز كونه قيداً للمبشر به لأنهم كانوا لا يبشرون بها وإنما أطلقت البشارة لأنها مما يبشر به عرفا لكونه ولداً، ووجهه اسم ظل أو بدل من الضمير المستتر فيه وكظيم فعيل بمعنى فاعل أو مفعول، وكلام المصنف رحمه الله ظاهر في الثاني، والجملة حال من الضمير في ظل


الصفحة التالية
Icon