أو من وجهه أو من ضمير مسوداً ولو رفع مسودّأ صح لكنه لم يقوأ به هنا، وجملة يتوارى مستأنفة أو حال على الوجوه إلا كونه من وجهه، ومن القوم ومن سوء متعلقان به لاختلاف معني من لأنّ الأولى ابتدائية والثانية تعليلية. قرله:) محدّثاً نفسه متفكرا في أن يتركه على هون (إشارة إلى أن
الجملة الاستفهامية معمولة لمحذوف معلق عليها وعنها، والعامل حال من فاعل يتوارى، وقول أبي البقاء إن جملة أيمسكه حال إما أن يريد هذا أو جوّز وفوع الطلبية حالاً لتأويلها بمتردد، ونحوه فلا يرد عليه شيء، والهون بضم الهاء الهوان والذل، وبفتحها بمعناه، ويكون بمعنى الرفق واللين، وليس مراداً في القراءة به، وعلى هون حال من الفاعل، ولذا قال ابن عباس رضي الله عنهما معناه أيمسكه مع رضاه هوان نفسه، وعلى رغم أنفه أو من المفعولى أي أيمسكها ذليلة مهانة، والدس إخفاء الشيء، وهو هنا عبارة عن الوأد ويثده كيعده مضارع، وأده وأدا وقراءة التأنيث للجحدري، وقوله حيث الخ تعليل لسوء حكمهم وقباحته لأنّ قيد اأحيثية يذكر للتعليل، وقوله ما هذا محله أي ما هو مرذول محقور عندهم كما سيذكره بعيده. قوله: (صفة السوءا لأنّ المثل يكون بمعنى الصفة العجيبة كما مر تحقيقه، وقوله المنادية بالموت من النداء، وجعل الحاجة إلى الولد منادية بالموت لكون الموت يعقبها بغير شبهة كأنه ينادي بها كماقيل:
لدوا للموت وابنوا للخراب
ولأنّ حاجة الوالد إلى الولد لأن يخلفه والخليفة متوقف على موته، وقوله واشتهاء الذكور بالرفع معطوف على الحاجة وكذا ما بعده ووقع في نسخة استبقاء الذكور استفعال من البقاء، وهي ظاهرة ومعناهما متقارب، والوجوب الذاتي في مقابلة الحاجة إلى الولد والغنى المطلق في مقابلة الاستظهار، والجود الفائق في مقابلة خشية الإملاق الذي هو بخل في الحقيقة، والنزاهة عن صفات المخلوقين بيان لكونه أعلى من صفات غيره على المعاني السابقة وقال الطيبي الغنى مقابل الحاجة للأولاد، والنزاهة عن صفات المخلوقين مقابل الوأد خثية الإملاق والجواد الكريم مقابل لإقرارهم على أنفسهم بالشح البالغ، وكلها نتيجة قوله: ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ﴾ [سورة النحل، الآية: ٥٧، الخ، وقوله المنفرد الحصر من تعريف الطرفين وحمله على الكمال لأنه المختص به ولاقتضاء صيغة المبالغة. قوله تعالى:) ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ﴾ الخ (المؤاخذة مفاعلة من فاعل بمعنى فعل أو هي مجاؤ كأنّ العبد يأخذ حق الله بمعصيته والله يأخذ منه بمعاقبته وكذا الحال في الخلق ودلالة الناس لأنهم سكان الأرض،
وكذا الدابة لأنها ما تدلث على الأرض وان جوّز المصنف رحمه الله تعالى قبل هذا تعميمها لما في السماء، وعمم الظلم للكفر والمعاصي لأنه فعل ما لا ينبغي ووضعه في غير موضعه، وقد يخص بالكفر وبالتعذي على غيره. قوله: (قط بثؤم ظلمهم) يعني أنه شامل لكل إنسان ظالما كان أو لا أمّا الظالم فبظلمه وأمّا غيره فبشآمته كقوله تعالى: ﴿وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً﴾ [سورة الأنفال، الآية: ٢٥] وشامل أيضاً لغيره كما نقله عن ابن مسعود رضي الله عنه، ولأنّ الدواب خلقت لانتفاع الإنسان بها فإذا هلك لم تبق لعدم الفائدة والجعل بضم الجيم وفتح العين المهملة واللام دويبة منتنة معروفة، وخص لأنه أخس الحشرات والحجر بضم الجيم وسكون الحاء، والراء المهملة مأوى الحشرات، والبهائم. قوله: (أو من دابة ظالمة) فتنكيرها للنوع وهو مخصوص بالكفار، والعصاة على هذا بخلافه على الأؤل فإنه الجنس مطلقا، ويجوز تعميمه لغير الإنسان فيشمل بعض الدواب إذا ضرّ غيره، وقيل إن الظلم فيه الكفر فيخص الكفرة، وقوله وقيل الخ قائله الجبائي لأنه ما من أحد إلا وفي آبائه من ظلم فإذا هلكوا لزم فناء النوع بل الدواب المخلوقة لمنافع العباد على ما نقل عنه في اللباب لكن على هذا الفرق بينه، وبين القول الأوّل قليل. قوله: (سماه (أي عينه لأعمارهم أي مذة بقائهم أو عينه، وقتا لعذابهم وهو ما بعد حياتهم لإهلاكهم في الدنيا، وهما متقاربان، ولذا جعل علتهما واحدة، وقد مر الكلام على قوله تعالى: ﴿وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [سورة الأعراف، الآية: ٣٤] في الأعراف، وأنه هل هو مستأنف أو معطوف على الجملة الشرطية لا على الجزاء حتى يرد عليه ما ورد، وقوله بل هلكوا أو عذبوا لف ونشر على التفسيرين قبله. قوله: (ولا يلزم من عموم الناس وإضافة الظلم إليهم الخ (جواب عما استدل به بعض من ذهب إلى عدم عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من ظاهر الاية حتى احتاج بعضهم إلى تخصيص الناس بالمشركين


الصفحة التالية
Icon