تقدمه اثنان فالظاهر يستويان. قوله: (كل الحمد له) رجح كون التعريف استغراقيا واللام استحقاقية والمراد الاستحقاق الذاتيئ، وقد مر تفصيله في فاتحة الكتاب فلا يرد عليه أنه قد يحمد غير الله تعالى، ونفي الاستحقاق عن غيره لإفادة الاستغراق للحصر كما مرّ، وقوله لأنه مولى النعم كلها المراد بالنعم ما يشمل الفضائل والفواضل فلا يرد عليه أنّ الحمد أعمّ من الشكر أو أنه حمل الحمد على معنى الشكر بقرينة المقام، وقوله فضلا عن العبادة بيان لارتباطه بما قبله، ولذا قيل في تفسيره إنّ المراد الحمد لله على قوّة هذه الحجة، وظهور الحجة بل أكثرهم لا يعلمون ذلك، وقوله لا يعلمون حذف معموله اختصاراً أو اقتصاراً، وقوله فيضيفون الخ ربط له بما قبله. قوله: (ولد أخرس الخ) الخرس عدم النطق والبكم الخرس المقارن لخلقته لا العارض!، ويلزمه الصمم فكونه لا يفهم لعدم السمع، وكونه لا يفهم غيره بالتشديد لعدم نطقه والإشارة لا يعتد بها لعدم تفهيمها حق التفهيم لكل أحد، وقوله من الصنائع، والتدابير خصه به لأنّ له قدرة على بعض الأشياء كما يشاهد منه لنقصان عقله المكتسب لأن قوّته بسلامة الحواس الظاهرة التي هي آلة له، وأمّا اكتسابه بعض الصنائع بالنظر كما تراه فلعل دفعه أنّ الصنائع ليس المراد بها الاستغراق، وفيه نظر. قوله: (عيال (في التكملة عيال جمع عيل كجياد جمع جيد، ويكون اسماً للواحد وعليه استعمال المصنف رحمه الله تعالى، وكذا استعمله صاحب المقامات كما نبه عليه الإمام المطرزي، وثقل بكسر فسكون بمعنى ثقيل، ومن يلي أمره تفسير لمولاه، وله معان أخر. قوله: (حيثما يرسله (بالجزم إشارة إلى أنها شرطية، وأنّ فاعل يوجه ضمير المولى، ومفعوله ضمير الأبكم وقوله على البناء للمفعول أي مع حذف الضمير، وهي قراءة علقمة وطلحة. قوله: (ويوجه (أي وقرئ يوجه بالبناء للفاعل والجزم، وحذف هاء الضمير فهو معطوف على قوله يوجه على البناء للمفعول، وقوله بمعنى يتوجه يعني أنه على هذه القراءة المعزية لابن مسعود رضي الله عنه، وابن وئاب وجه فيها لازم بمعنى توجه، وفاعله ضميرا لا بكم كما ورد كذلك في المثل المذكور وغيره فأوجه في المثل
المذكور بكسر الجيم معلوم لا بفتحها مجهول كما ضبط بقلم بعض النساخ فهو تحريف منه وقيل إنه على هذه متعد والفاعل ضمير الباري ومفعوله محذوف تقديره كقراءة العامّة. قوله: (أينما أوجه ألق سعدا) هذا مثل لمن يتلقاه الشر أينما سلك أو لمن يفرّ من مكروه فيقع في آخر وسعدا هنا اسم قبيلة لا اسم رجل شرير كما غلط في تفسيره به العلامة، وأصله أنّ الأضبط بن قريع السعدي كان سيد قومه فأصابه منهم جفوة فارتحل عنهم إلى قوم آخرين فرآهم يصنعون بساداتهم مثل صنيع قومه فقال أينما أوجه ألق سعدا أي قوما مثلهم في الجفوة، وقوله وتوجه الخ أي وقرئ توجه ماضياً من التفعل وفاعله ضمير الأبكم، وقوله بنجح بضم النون وسكون الجيم، والحاء المهملة هو الظفر والفوز وكفاية المهم كفاية غيره فيما يهمه ويعتني به وذكره تمثيلاً لا تخصيصاً، وهو مأخوذ من السياق. قوله: (ومن هو فهم) بكسر الهاء صفة كحذر ومنطيق بكسر الميم صيغة مبالغة في النطق قيل هو مأخوذ من الاستمرار التجدّدي الدال عليه يأمر بالعدل، وقيل إنه إشارة إلى اعتبار معنى النطق بكل ما فيه نفع للناس لا حصره في الأمر بالعدل لأنّ مقابل أبكم ناطق بكل خير ومن أخذ. من الاستمرار التجددي في المضارع جعله بمنزلة تفسير يأمر بالعدل، وليس كذلك ولا يخفى ما فيه فإنّ مقابل أبكم ناطق مطلقاً لا ما ذكر وما ذكر إن جعل تفسير المنطوق يأمر بالعدل فلا شبهة في بطلانه، وان جعل تفسيراً له باعتبار لوازمه ومدلول هيئته فلا محذور فيه كما ستسمعه عن قريب، وقوله ذو كفاية أي يكفي الناس في مهماتهم ويبلغ من مراداتهم كما يقال للوزير كافي الكفاة. قوله: (وهو على صراط مستقيم) جملة حالية مبينة لكماله في نفسه ولما كان ذلك مقدما على تكميل الغير أتى بها اسمية فإنها تشعر بذلك مع الثبوت إلى مقارنة ذي الحال فلا يقال الأنسب تقديمها في النظم كما أشار إليه المصنف رحمه الله تعالى بقوله، وهو في نفسه الخ. قوله: (لا يتوجه إلى مطلب إلا ويبلغه بأقرب سعي (وأسهله لأن كل طريقين موصلين المستقيم منهما أقرب بديهة كما يظهر في الشكل المثلث. قوله: (وإنما قابل تلك الصفات) أي كونه أبكم، لا قدرة له ثقل على غيره لآيات بخير بهذين الوصفين يعني أمره بالعدل، وكونه على الطريق القويم لأنهما كمال مقابله، ونهايته لأنه اختير آخر صفات


الصفحة التالية
Icon