مبعوثون، وأيضاً القراءة المشهورة صريحة في القطع والبت وهذه صريحة في خلافه فيتنافيان فأجابوا عنه بأنّ لعل هنا لتوفع المخاطب لا على سبيل الأخبار فإنهم لا يتوقعون البعث فليس الأمر كذلك بل على سبيل الأمر، ولذا قال بمعنى توقعوا بعثكم، وقد جوّزوا أن يكون هذا من الكلام المنصف، والاستدراح فربما يتنبهون إذا تفكروا ويقطعون بالبعث ومن العجب ما قيل على المصنف رحمه الله تعالى إن ظاهر عبارته أن عل اسم فعل كعليكم، وهو يحتاج إلى نقل فكأنه لم ينظر شيئا من شروح الكشاف، والسكوت في بعض الأماكن أبلغ من النطق. قوله: (وتبتوا) أي تقطعوا من البت، وقوله لعدوه تفسيراً لقوله تعالى ليقولن فلذا أدخل عليه اللام الواقعة في النظم في جواب القسم المقدر، وباء بانكاره صلة البت أي لا تقطعوا بسلبه وانتفائه، وقوله ما لا حقيقة له تفسير للسحر فإنهم أرادوا به الشعوذة، وما لا حقيقة له منه لا مطلق السحر فإن منه ما له حقيقة كما قدمناه، وبهذا يندفع ما يرد على تفسيره بمثله. قوله: (الموعود) في العذاب هنا قولان فقيل هو عذاب الآخر، وقيل عذاب الدنيا، وهو إمّا عذاب بدر أو قتل المستهزئين وهم خمسة نفر ماتوا قبل بدر قال جبريل عليه الصلاة والسلام: أمرت أن أكفئهم أي أقتلهم كما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، وقول المصنف رحمه الله تعالى الموعود شامل لهذه الأقوال، وقوله جماعة من الأوقات فالأمّة بمعنى الطائفة مطلقا وان غلب في العقلاء، وقوله قليلة مأخوذ من قوله معدودة لأنّ الشيء القليل يسهل عده وسيأتي تحقيقه في سورة الكهف. قوله: (استهزاء) يعني أنّ قولهم ما يمنعه من الوقوع للاستعجال، وهو كناية عن الاستهزاء والتكذيب لأنهم لو صدقوا به لم يستعجلوه، وقوله كيوم بدر إشارة إلى ما مرّ. قوله: (ويوم منصوب بخبر ليس مقدّم عليه وهو دليل الخ) أي متعلق بمصروفاً واستدل به البصريون على جراز تقديم خبرها لأنّ تقديم المعمول يؤذن بتقديم عامله بطريق الأولى، وإلا لزم مزية الفرع
على أصله، وقال الشاطبيئ رحمه الله تعالى في شرح الألفية: هذه القاعدة منازع فيها فإنها لا تطرد ألا ترى أنك تقول أما زبداً فاضرب وقال تعالى: ﴿فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ﴾ [سورة الضحى، الآية: ٩] فقد تقدّم هنا معمول الفعل، والفعل لا يلي أما والحجازيون يقولون ما اليوم زيد ذاهبا، ولا يجوز تقديم خبرها بالاتفاق، والكوفيون أجازوا هذا طعامك رجل يأكل، وزيداً ضربني فأكرمت فقدموا معمولط يأكل، وهو نعت لرجل لا يتقدم على المنعوت ومعمول! رمت، وهو معطوف على ضربني، والمعطوف لا يتقدم على المعطوف عليه، ولا النعت ملى المنعوت، وفي الكشاف ما يخالفه في قوله تعالى: ﴿وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا﴾ انتهى. وقيل المعمول هنا ظرف يبنى الأمر فيه على التسامح فيه، مع أنه قيل إنه متعلق بفعل محذوف دل عليه ما بعده، وتقديره ألا يصرف عنهم العذاب يوم يأتيهم، وقيل تقديره يلازمهم! وم يأتيهم الخ. وقيل يوم مبتدأ لا متعلق بمصروفا، وبني على الفتح لاضافته للجملة، وفي نجاء الظرف إذا أضيف لجملة صدرها فعل مضارع معرب خلاف للنحاة سيأتي فهذا الجواب غير مسلم، وهذا الخلاف بينهم في تقديم الخبر على ليس لا على اسمها فإنه جائز بلا خلاف، والكلام فيه وفي أدلته مفصل في كتب النحو، وقوله وضع الماضي الخ لأنّ مقتضى الظاهر المناسب لما قبله ويحيق، وكان الظاهر أيضا أن يقال ما كانوا به يستعجلون لكنه وضع موضعه لما ذكر. قوله: (ولئن أعطيناه نعمة بحيث يجد لذتها (لما كاق الذوق اختبار طعم المطعوم ملائما كان أولاً وكانت الرحمة النعمة مطلقا مطعوما أو غيره كان الذوق عاما من هذا الوجه، ولما أريد ما يلائم، ويستلذ منه كان خاصا من وجه فلذا فسره ر! اذكر، وجعله مجازاً عنه، وفوله منا بيان لأنها بمحض الفضل، والأنعام لا الاستيجاب، وقوله منه إما بمعنى من أجل شؤمه فمن تعليلية أو صلة للنزع، وقوله لقلة صبره في الكشاف لعدم صبره لأنه لا يخلو من صبر ما أو المراد بالقلة العدم، وهو المناسب لما بعده، وقوله بعد عدم بالضم أي فقر. قوله: (وفي اختلاف الفعلين نكتة لا تخفى) المراد بالفعلين أذقنا ومسته أي لم يقل مسسناه بالإسناد إلى ضمير المتكلم كما في أذقنا للدلالة على أن مس الضر ليس مقصود بالذات إنما وقع بالعرض بخلاف إذاقة النعماء كما أشار إليه المصنف في غير هذا المحل، وعلى هذا ينبغي أن يفسر قوله، ثم نزعناها منه بمن أجل


الصفحة التالية
Icon