يجوز نصبه على الظرفية نحو أمّا جهد رأيك فإنك منطلق، وقال الزمخشريّ: أصله وقت حدوث أوّل رأيهم أو وقت حدوث ظاهر رأيهم فحذف ذلك، وأقيم المضاف إليه مقامه، وقيل إنّ بادي مصدر على فاعل منصوب على المفعولية المطلقة، والعامل فيه ما تقدم وفيه وجوه أخر ذكرها المعرب، وقيل على تقدير المصنف، والزمخشري أنّ تقدير الوقت ليكون نائباً عن الظرف فينتصب على الظرفية، وأمّا تقدير الحدوث فلا داعي له على تفسيري بادي أمّا إذا كان بمعنى أوّل فلأنّ وقت أوّله هو وقت حدوثه، وأئا إذا كان بمعنى ظاهر فوقت ظاهر الرأي، وان اتسع وقت لاتباعهم، وقد عرفت مما مرّ أنّ اسم الفاعل لا ينوب عن الظرف وينتصب، والمصدر ينوب عنه كثيرأ فأشاروا بذكره إلى أنه متضمن معنى الحدوث في معنييه فلذا جاز فيه ذلك، وليس مرادهم أنه محذوف، وما ذكرو. هنا من أنّ الصفات لا ينوب منها عن الظرف إلا فعيل من فوائدهم الغريبة، وعليهم الاعتماد فيه لكنه غير مسلم لأنّ فاعلاً وقع ظرفا كثيرا كفعيل فإن من أمثلته خارج الدار، وباطن الأمر وظاهره، وهو كثير في كلامهم فإن قلت ما ذكر. المصنف رحمه الله تعالى يشكل بأنّ ما قبل إلا لا يعمل فيما بعدها إلا إذا كان مستثنى منه نحو ما قام إلا زيدا القوم أو مستثنى أو تابعا لأحدهما كما فصله المعرب، وغيره فلذا تكلفوا لاعرابه وجوها قلت قالوا إنه يغتفر ذلك في الظرف لأنه يتسع فيه ما لا يتسع في غيره، والرأي جوّزوا فيه هنا أن يكون من رؤية العين أو من الفكرة والتامّل. قوله: (وإنما استرذلوهم لذلك) أي عدّوهم أراذل
لسرعة اتباعهم وزعمهم أنّ ذلك وقع منهم من غير تأمّل أو لفقرهم لأنهم لا يعرفون إلا الشرف الظاهر من أمور الدنيا، وهذا هو الوجه وألاحظ اكثر حظاً وقوله: لك ولمتبعيك أدخل نوحا عليه الصلاة والسلام معهم لأنّ الخطاب أوّلأ معه فيكون تأكيداً لنفي الأفضلية عنه لسبقه في قوله ما نراك وهو تغليب، وقيل الخطاب لاتباعه فقط فيكون التفاتا ويؤهلكم بمعنى يجعلكم أهلاً لذلك واياك واياهم بدل من مفعول نظنكم في النظم، وقوله فغلب أي في الموضعين وقوله أخبروني تقدم تحقيقه، وأنّ الرؤية فيه يجوز أن تكون بصرية، وقلبية وقد جوّزهما الزمخشري لأنّ كلاَ منهما سبب للأخبار، وأرأيتم متعلق بأنلزمكموها، وقيل بطلب البينة يعني على أن يكون من التنازع هنا، وأعمل الثاني فلا وجه لما قيل إنّ هذا بحسب الأصل، وأمّا هنا فهو متعلق بأنلزمكموها لأنّ القائل بهذا يجعلها جملة مستأنفة أو مفعولاً ثانياً كما صرّحوا به، وجواب إن كنت محذوف أي فاخبروني، وفسر البينة بالحجة، والبرهان كما مرّ، وقوله بايتاء البينة أي السابقة، والمراد البينة: المؤتاة فهو من إضافة الصفة للموصوف كما ستراه في توجيه توحيد الضمير، والحجة المعجزة الدالة على نبوّته عتي!. قوله: (فخفيت عليكم فلم تهدكم الخ (يعني أنّ عماء الدليل بمعنى خفائه مجازاً فيقال حجة عمياء كما يقال مبصرة للواضحة وهو استعارة تبعية شبه خفاء الدليل بالعمى فان كلا منهما يمنع الوصول إلى المقاصد ويجوز أن يكون استعارة تمثيلية بأنّ شبه الذي لا يهتدي بالحجة لخفائها عليه بمن سلك مفازة لا يعرف طرقها، واتبع دليلاً أعمى فيها، والظاهر من عبارة المصنف الأوّل، وأمّا ادعاء القلب، وأن أصله عميتم عنها فيأباه ذكر على دون عن مع أنه ليس بحسن هنا. قوله: (وتوحيد الضمير لأنّ البينة الخ الما ذكر البينة والرحمة كان الظاهر فعميتا فوجهوه بأن الرحمة هنا هي البينة على تفسيره الأوّل بإيتاء البينة أي البينة المؤتاة كما مرّ أو هو تفسير لقوله: ﴿وَآتَانِي رَحْمَةً﴾ لكنه عبر بالمصدر أو الضمير للبينة أي المعجزة، والرحمة النبوّة وخفاؤها أي البينة يستلزم خفاء المذعي فلذا اكتفى به وجملة، وآتاني رحمة على هذا معترضة أو الضمير للرحمة، وفي الكلام مقدّر أي خفيت الرحمة بعد خفاء البينة، وما يدلّ عليها وحذف هذا للاختصار، وقيل: إنه معترض في المعنى دون تقدير، وكلام المصنف رحمه الله تعالى ظاهر في الأوّل أو الضمير لهما بتأويل كل واحدة منهما، وفي الكشاف وجه آخر وهو أن يقدر عميت بعد لفظ البينة وحذف للاختصار، وعدل عنه المصنف رحمه الله تعالى لأنه رآه مع أنه تقدير جملة، وهذا مفرد تقديراً
قبل الدليل، ولم يقدر في الوجه الأوّل لعدم الاحتياج إليه على أنّ كلام المصنف رحمه الله تعالى محتمل له أيضاً، وحمله عليه بعض فضلاء العصر


الصفحة التالية
Icon