وقوله على أنّ الفعل لله، أي في القرإءتين، وقد قرىء بالتصريح به فهو يدلّ على هذا. قوله: (أنلزمكم على الاهتداء (إشارة إلى ان نلزمكم بمعنى نقسركم ونكرهكم، لأنّ المراد إلزام الجبر بالقتل ونحوه لا إلزام الايجاب لأنه واقع، قيل. وذكر الاهتداء لأنه ليس في وسعه فلا يرد عليه، أن المكره يصح إيمانه ويقبل عندنا إيمانه، فيجاب بأنه لم يكن في دينهم، وقيل: المعنى لو أمكنني الإلزام مع الكراهة فعلته، وروي عن قتادة. قوله: (وحيث اجتمع ضميران وليس أحدهما مرفوعاً وقدّم الأعرف) وهو ضمير المخاطب، لأنه أعرف من الغائب كما بين في النحو، وهذا أحد مذهبين في هذه المسألة، وقيل: إنه يلزم الاتصال كما في هذه الآية، ونسب لسيبويه، ولو قدم الغائب وجب الانفصال، فيقال: أنلزمها إياكم على الصحيح، وأجاز بعضهم الاتصال، واستشهد بقول عثمان رضي الله عنه: أراهمني حيث قدم ضمير الغائب على ضمير المتكلم الأعرف واتصلا، وكان الواجب أراهم أياي. قوله: (على التبليغ (في الكشاف إنه راجع إلى قوله لهم ﴿إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ * أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللهَ﴾ وما ذكره المصنف رحمه الله تعالى أحسن مما ذكر، وما قيل: إن ما ذكره الزمخشري مراده به ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى، بعينه لا خصوص ذلك القول، وأنّ قوله راجع إليه، بمعنى متعلق به معنى خلاف الظاهر، والجعل بضم فسكون، ما يعطى في مقابلة العمل كالأجر المذكور في محل آخر. قوله: (فإنه المأمول منه) الضمير أن الله فيفيد الحصر ويطابق النظم، أي ما أجر التبليغ، أو ما مطلق الأجر إلا منه، وليس الضمير الأوّل للأجر، والثاني لله لفساد المعنى عليه، إذ معناه أن الأجر هو المأمول من الله لا غير الأجر، وهو لا يطابق المفسر فتدبر. وقوله: حين سألوا طردهم، أي قالوا له اطردهم عنك لنؤمن بك استكافاً عن مجالستهم. قوله: (فيخاصمون طاردهم عنده (يعني فيعاقبه على ما فعل، فهذه الجملة علة لعدم طردهم، أو المعنى لا أطردهم فإنهم من أهل الزلفى عند الله، المقرّبين الفائزين عند الله وهذا هو الشرف لا ما عرفتم، وترك معنى آخر في الكشاف، وهو أني لا أطردهم لأنّ إيمانهم ليس عن يقين وتفكر كما زعمتم، لأني لا أعلم السرائر فليس عليئ إلا اتباع الظاهر، وسيلقون ربهم فينكشف حالهم عنده من كونهم على ما زعمتم أو على خلافه، وكان المصنف رحمه الله تعالى تركه لأنّ ما بعده لا يلائمه، أو لأنه مبنيّ على أن سؤال الطرد
لعدم إخلاصهم في الإيمان لا لفقرهم، وهو مرجوح عنده. وقوله: ويفوزون بقربه مستفاد من المقام، والا فملاقاة الله تكون للفائز وغيره. قوله: (بلقاء ربكم أو بأقدارهم) وقريب منه قوله في الكشاف: أنهم خير منكم، فالجهل بمعنى عدم العلم المذموم، وهذا مناسب للوجه الثاني في قوله أوانهم الخ. وقوله: أو في التماص طردهم، لم يذكر ما جهلوه في هذا الوجه لتنزيله منزلة اللازم وهو الظاهر، وقيل: إن مفعوله مقدر عليه أيضاً، أي تجهلون المحذور في التماس ذلك، وهو خلاف الظاهر لكنه مناسب للوجه الأوّل، وقوله: أو تتسفهون الخ فيكون الجهل بمعنى آخر، وهو الجناية على الغير، وفعل ما يشق عليه قولاً أو فعلاً، وهو معنى شائع كقوله:
ألالايجلهن أحدعلينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا
قوله: (يدفع انتقامه) يعني النصرة هنا مجاز عن لازم، معناها وهو دفع الضررءذ معناها الحقيقي غير صحيح هنا والمثابة الخصال المجتمعة فيهم وتوقيف الإيمان، أي جعل إيمانهم موقوفاً على طردهم ومعلقاً به لأنهم قالوا له إن طردتهم آمنا بك كما مرّ. قوله: (خزائن ررّقه وأمواله حتى جحدتم فضلى (هذ شروع في دفع الشبه التي أوردوها تفصيلا، بعدما دفعها إجمالاً، بقوله: أرأيتم الخ. فكأنه يقول: عدم اتباعي لنفيكم الفضل عني، إن كان فضل المال والجاه فأنا لم أذعه، ولم أقل لكم إنّ خزائن رزق الله وماله عندي، حتى أنكم تنازعوني في ذلك وتنكروه، وإنما وجوب اتباعي لأني رسول الله، المبعوث بالمعجزات الشاهدة لما اذعيته. قوله: (عطف على عندي خزائن الله الخ الما كان نفي القول يقتضي نفي المقول فالعطف على مقول القول المنفي منفيّ أيضا ذكر معه النفي المزيد لتأكيد النفي السابق، والتذكير به، ودفعاً لاحتمال أنه لا يقول إلا هذا المجموع، فلا ينافي أن يقول أحدهما، فالمعنى لا أقول أنّ عندي خزائن الله، وأن عندي علم الغيب، حتى


الصفحة التالية
Icon