وجوّز فيه أن يكون بمعنى الافتراق أي موضع اجتماع البحرين المفترقين، وعليه يحتمل عود الضمير لموسى والخضر عليهما الصلاة والسلام أي وصلا إلى موضع وعد اجتماع شملهما فيه وكذ إذا كان بمعنى الوصل. قوله: (نسي موسى عليه الصلاة والسلام أن يطلبه ويتعرف حاله) أي يطلب من يوشع الحوت ليتعزف حاله لأنه جعل أمارة للظفر، وفيه إشارة إلى أن في النظم مضافا مقدرا لأنهما لم ينسيا الحوت وإنما نسيا حاله لكن الحال التي نسيها موسى عليه الصلاة والسلام كونه باقيا في المكتل أو مفقوداً، والحال التي نسيها يوشع ما رأى من حياته ووقوعه في البحر، واعترض! عليه بأنّ نسيان يوشع كان قبل وقوعه في البحر كما يدل عليه قوله: فاتخذ سبيله في البحر سربا حيث عقبه بالفاء، فلا يصح إدخال الوقوع المذكور في الحال المنسية، وأجيب بأن فاء فاتخذ فصيحة كما ذكره المعترض! ولا يلزم أن يكون المعطوف عليه الذي تفصح عنه الفاء معطوفا على نسيا بالفاء التعقيبية حتى يلزم المحذور المذكور، وان كان المعروف فيها ذلك كما قدروا في قوله: فانفجرت فضرب فانفجرت بل يقدر بالواو هكذا وجيء بالحوت فسقط في البحر فاتخذ الخ وهذا مع تكلفه ومخالفته للمألوف في الفاء الفصيحة مخالف للنظم ولما سيأتي تفصيله في قوله: وما إنسانيه إلا الشيطان، ؤهو غير وارد لأنّ سلوكه ومشيه في طريق أمر ممتذ بعد الوقوع في الماء مغاير له مترتب عليه ولا تعلق للنسيان به في النظم نفيا واثباتا بل لا يصح ما ذكره لأنّ السقوط الذي قدره عين الوقوع فقد وقع فيما فرّ منه فتأمّل. قوله: (معجزة (المراد الأمر الخارق للعادة الذي يظهر مثله على يد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا المعنى المشهور لأنه مشروط بالتحدي ولا تحذي هنا، وقوله: وقيل نسياً الخ أي المراد أنهما نسيا ترصد حال الحوت في ذلك الوقت وان ينتظرا منه ما يكون علامة على المطلوب وهو ملاقاة الخضر عليه الصلاة والسلام قيل إنه لم يرتض هذا لأنّ الأوّل أنسب بالمقام وفيه بحث لأن الفرق بين هذا وبين ما ارتضاه أولاً يسير جدا لأنه ذكر في الأوّل أن موسى عليه الصلاة نسي تعزف حاله وهو عين نسيان تفقده هنا ويوشع إذ نسي مامرّ فهو لم يتفقده أيضاً وكذا ما قيل إن المراد أنّ موسى عليه الصلاة والسلام نسي تفقده لأمره، وبوشع نسي ما يكون أمارة أي ذهل عن الاستدلال
بهذه الحالة المخصوصة على الظفر بالمطلوب فتأمّل. قوله: (مسلكاً) أي كالمسلك وقوله: من قوله وسارب بالنهار قيل: السرب أصله ما يسلك فيه كالحجر فأريد به هنا المسلك أي الطريق كما ذكره إلا أنّ الآية المذكورة بمعزل عنه فإنّ السارب فيها بمعنى الظاهر بدليل مقابلته بقوله مستخف بالليل وقد فسره المصنف به هناك من غير ذكر معنى آخر له فكلامه هنا مخالف له ولا يخفى أنّ الذهاب في الأرض يلزمه البروز والظهور فجعل ثمة كناية عنه بقرينة المقابل فالتنظير به هنا باعتبار معناه الحقيقي، وما ذكره بيان للمراد منه فلا مخالف بينهما وما قيل في دفعه أن ما ذكره هنا على بعض التفاسير وإلا فالمصنف رحمه الله فسره ببارز في سورة الرعد مع مخالفته للظاهر لا حاجة إليه ويشهد لما مر قول الأزهرقي: العرب تقول سربت الإبل إذا مضت في الأرض ظاهرة فإنه جمع بينهما. قوله: (وقيل أمسك الله جرية الماء) بكسر الجيم فصار أي الماء كالطاق وليس المراد بالطاق الكوّة بل البناء المقوس كالقنطرة فالسرب كالنفق لا مقابله كما قيل، وقوله: ونصبه على المفعول الثاني، وقيل: في البحر مفعوله وسربا حال، وقوله: مجمع البحرين إشارة إلى مفعوله المقدر، وقوله: لم ينصب بفتح الصاد أي يعي ويتعب لأنه قبله لرجاء الظفر في نشاط الإبل، وقوله: في سفر بالتنوين وجز غيره لأنه صفته، ووجه دلالة اسم الإشارة على ما ذكر من التخصيص النحوي والتخصيص بالذكر لا لأنه أشير به إلى السفر من كل وجه فإنه لا وجه له. قوله: (ما دهاتي إذ أوينا) دهاني بالدال المهملة بمعنى أصابني إصابة شقت عليّ كالداهية قال: ناظر الجيش في شرح التسهيل جاءت أرأيت ليس بعدها منصوب ولا استفهام بل جملة مصدرة بالفاء كما في هذه الآية فزعم أبو الحسن أنها أخرجت عن بابها وضمنت معنى أمّا أو تنبه أي أمّا إذا أوينا أو تنبه فالفاء جوابها لا جواب إذ لأنها لا تجازي إلا مقرونة بما


الصفحة التالية
Icon