لا يحتمل الصدق والكذب، أو لأنه مقيد بقيد يعلم بقرينة المقام كان أردت أو إن لم يمنع مانع شرقي أو غيره وهذا على تسليم الخبرية وعدم إرادة القيد، وأمّا ما قيل إن ما صدر من موسى عليه الصلاة والسلام في المرّتين الأخيرتين نسيان أيضاً وانّ ما في الحديث الآخر لا يخالفه فإثا لا نقول بالمفهوم فباطل فإنه هكذا في البخاري وشرحه لابن حجر، وكانت الأولى نسيانا والثانية شرطاً
والثالثة عمداً وفي رواية والثانية عمدا والثالثة فراقا ولك أن تقول إنه لما وقع الخلف بالأولى لم تكن الأخيرتان خلفا ليبين بعض ما وعده به لكن الأولى معفوّة لكونها لم تقع عن عمد فتأمل. قوله: (فلا تفاتحني (أي تبتدئني به وهو بيان للمعنى المراد منه، كما يدل عليه ما بعده لا
تقييد للنهي، وقوله: حتى أبتدئك ببيانه بيان للمراد أيضاً لأنه معنى أحدث والغاية مضروبة لما يفهم من الكلام كأنه قيل: لا تنكر عليئ ما أفعل حتى أبينه لك أو هي للتأبيد فإنه لا ينبغي السؤال بعد البيان بالطريق الأولى وقد ذكر مثله الكرماني رحمه الله في حديث: إنّ الله لا يمل حتى تملوا أي لا يتصؤر منه الملال أبدا وليست للتعليل، وقيل: فائدة الغاية إعلامه أنه سيبينه له بعد ذلك وفيه نظر. قوله: (أخذ الخضر فأسا الخ (كذا في صحيح البخاري إلا أنّ فيه فنزع لوحا وفيه أنه وتده أي جعل فيه وتداً مكانه، وقوله: فإن خرقها سبب لدخول الماء فيها يشير إلى أن إسناد التفريق إليه مجازي ودل على أنه حمل اللام فيه على لام العاقبة دون التعليل لحسن ظنه به ولو حملت على التعليل كان أنسب بمقام الإنكار وليس فيه سوء أدب كما توهم، وقوله: للتكثير كما في بعض النسخ المراد به تكثير المفعول. قوله: (أتيت أمرا عظيما (مأخوذ من أمر بمعنى عظم، وقيل: أصل معناه كثر فأريد به عظم واشتد، قال ابن جني في سز الصناعة: العرب تصف الدواهي بالكثرة والعموم وقال الكسائيّ: معنى أمرا داهيا منكر من أمر بمعنى كثر قيل ولم يقل أمرا أمراً مع ما فيه من التجنيس لأنه تكلف لا يلتفت إلى مثله في الكلام البليغ وأمر بوزن علم، وذكره بالتخفيف. قوله: (بالذي ئسيته أو بشيء نسيته (يعني ما يجوز فيها أن تكون موصولة وموصوفة أو مصدرية، وقوله: يعني وصيته تفسير لما على الوجهين والباء صلة لأنه يتعدى بها لا للسببية وهو إمّا سبب للنهي عن المؤاخذة أولها بتقدير مضات أي ترك ما نسيته من عدم العمل بالوصية أو هو على ظاهره لأنه لولا النسيان لم يكن الترك فهو سبب بعيد، وقوله: بأن لا يعترض تفسير لعدم المؤاخذة، وقوله: أو بنسياني إياها فما مصدرية وفصله لأن المؤاخذ به المنسي لا النسيان وعلى هذا فالباء للسببية كما مر أو للملابسة وقيل: الثاني متعين فتأمل. قوله: (وهو اعتذار بالنسيان (إن كان راجعا لجميع ما تقدم
فهو لذكره صريحا في الثاني ولتعبيره عن الوصية بالمنسيّ في الأوّل وإن رجع للثاني كما هو المتبادر من فصله عنه فلأنّ النسيان لا يؤاخذ به لأنه ليس بمقدور له بالذات دمان كان يؤاخذ بالمنسي لا من حيث إنه منسيئ فيكون المراد به أنا غير مؤاخذ، ولكنه أبرزه في صورة النهي والمراد التماس عدم المؤاخذة لقيام المانع فتدبر، أو المرإد الترك لأنه يكون مجازاً عنه كما في الأساس ومرضه وما بعده لمخالفته للمشهور ولما في صحيح البخاري عنه ﷺ أنّ المرة الأولى كانت نسياناً كما مرّ، وقوله: أوّل مرة قيد لما مر، ولأنه الذي يصح النهي عنه وبهذا علمت ما في قوله أوّلاً وخلفه ناسياً لا يقدج في عصمته فتدبر. قوله: (وقيل إنه من معاريض الكلام والمراد شيء آخر نسيه (المعاريض جمع معراض وهو الناحية والتعريض والمراد به هنا التورية وإيهام خلاف المراد لأنه أبرزه في صورة النهي وليس بمراد، قال في الكشف: فعلى الأوّل كان موسى عليه الصلاة والسلام قد نسي وصيته حقيقة وكلى هذا نهاه عن مؤاخذته بالنسيان موهما أنّ ما صدر منه عن نسيان ولم يكن وإنما صار إليه لأن المؤاخذة به لا تصدر عن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فلا يحتاج إلى النهي وعلى الأوّل وجهه أنه نهى عن مؤاخذته بقلة التحفظ حتى ينسى قيل: والتعريض وإن حصل بقوله: نسيت إلا أنه أبرزه في صورة النهي تفادياً عن الكذب فالمراد بما نسيه شيء آخر غير الوصية لكنه أوهم أنها المنسية. قوله ة (ولا تفشني (بالغين المعجمة من غشيه كذا إذا عرض له


الصفحة التالية
Icon