أو ملفوظا فحينئذ قوله: جهوا أو سراً بتقدير لا يخفى عليه قوله ش جهرا أو سراً وقيل يعلم بمعنى لا يجهل ولا وجه له وفي شرح المفتاح للعلامة أن أكثر استعماله أن يجيء بعد نفي فلا حاجة حينئذ إلى ما ذكر وقال أبو حيان: أنه لم يرد هذا التركيب في كلام العرب وفيه كلام طويل في شرح المفتاح ولابن هشام فيه تأليف مستقل. قوله: (وهو اكد من قوله قل أنزله الخ) وجه كونه آكد أن القول شامل للسر والجهر بل لحديث النفس كما ذكره الراغب فيكون أعم فيدخل فيه السر وغيره، فهو من جهة عمومه آكد من ذكر السر في تلك الآية فكأنه قيل السر وما هو أعلى منه وأدنى وقد قيل عليه أنه يلزم من علم السر علم الجهر بطريق الأولى تعويلا على القرينة العقلية فهو كناية وهي أبلغ من الصريح وأيضا تسليم العدول عن الأبلغ في الآية الأخرى، يقتضي نسبة القصور إلى بعض القرآن، ويدفع بأنه لا قصور فيه لأن تلك أبلغ من حيث الإثبات بالطريق المذكور، وهذا أبلغ من حيث العموم الصريح ولكل منهما مقام يقتضيه فهم هنا لما أسروا النجوى. قيل كيف يخفى هذا عن عالم السر والخفيات وغيرها ولذا ختمها بالسميع العليم. فالمقام مقام التعميم. وأمّا تلك فلما تقدم عليها ذكر إنزال القرآن عقبت بأنه من عالم الغيب العالم بكل سر المنزل ما يناسبه مما لا تعلمونه ويخفى عليكم. قوله: (ولذلك اختير ههنا (إشارة إلى ما مر من أنهم لما بالغوا في إخفاء السر ناسبه مقابلته المبالغة في إحاطة علمه بخلاف الآية الأخرى، فإنه ليس فيها ما يقتضي المبالغة المذكورة فاختير فيها مبالغة أخرى والى هذا أشار بقوله وليطابق الخ وكذا قوله فلا يخفى عليه الخ فتأمّل. قوله: (١ ضراب لهم الخ) ذكر في الكشاف وجهين أحدهما أق الإضراب إمّا من الكفرة أو من الله. وزاد المصنف رحمه الله ثالثا كما ستراه وما فيه فأشار إلى الأوّل بقوله إضراب الخ. يعني أنّ الإضراب من كلامهم فحكاه الله عنهم وأورد عليه شزاج الكشاف أنه إنما يصح لو كان النظم قالوا بل الخ فيفيد حكاية إضرابهم ومع تقديمه على قالوا لا يفيد ما ذكر واليه أشار المصنف بقوله: والظاهر الخ. وكونه من القلب وأصله قالوا بل لا يخفى ما فيه وقد أجيب أيضاً بأنه إضراب في مقولهم المحكي بقول تضمنه النجوى أوّلاً أو
بالقول المقدر قبل قوله هل هذا الخ وأعيد للفاصل أو لكونه غير مصرّح به وهو تكلف أيضا. وقوله عن قولهم هو سحر يعني المدلول عليه بقوله: ﴿أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ﴾ [سورة الأنبياء، الآية: ٣]. قوله: (والظاهر انّ بل الأولى الخ) إشارة إلى ما مرّ وحاصله أنها للابتداء بحكاية ما بعدها فالأولى انتقالية داخلة على جملة القول، ومقوله وهي من كلام الله تعالى. والثانية والثالثة إبطالية من كلامهم شردّدهم في أمره وتحيرهم في تزويرهم وهذا ما اختاره الدماميني في شرح التسهيل، وهو أسهل الرجوه وليممر فيه إلا اختلاف معنى، بل وكون الأولى من الحكاية والثانية من المحكي ولا مانع منه. قوله: (أو للأضراب عن تحاورهم الخ) بالحاء والراء المهملتين تفاعل من المحاورة وهي مراجعة الكلام يعني أنّ الأولى للانتقال عن مكالمتهم في شأن الرسول عليه الصلاة والسلام نفسه إلى المكالمة في القرآن الذي جاء به والثانية والثالثة إبطالية أيضاً وهي من كلامهم، المحكي والأولى من كلام الله أيضاً والفرق بين هذا وبين ما قبله باعتبار أنّ المنتقل عنه ما تقدمه بقطع النظر عن خصوصه، وهذا بالنظر إلى خصوص كونه أمر الرسول عليه الصلاة والسلام فهو على هذا داخل في النجوى بخلافه على الأوّل. واعلم أن ابن هشام قال في المغني أق بل حرف إضراب فمان تلا جملة كان الإضراب إمّا للإبطال نحو: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ﴾ [سورة البقرة، الآية: ١١٦] وإمّا للانتقال من غرض إلى آخر ووهم ابن مالك في شرح الكافية حيث زعم أنها لا تقع في التنزيل للإبطال واستند في توهمه إلى قوله تعالى: ﴿وَقَالُواْ اتَّخَذَ﴾ الخ وقال الدماميني: فإن قلت الإضراب عن الحكاية لا عن المحكيّ فلا إبطال حينئذ قلت هذا لا يدفع احتمال الإضراب عن المحكي فيكون للإبطال وبه يتمّ المراد) قلت الك أن تقول إنهم لم يقفوا على مراده. فإنّ الإبطال على قسمين إبطال ما صدر عن الغير، وسماه في التسهيل ردّا وابطال ما صدر عنه نفسه وهو لا يتصوّر في حقه تعالى لأنه بداء فمراده القسم الثاني والحمل على الصلاح أصلح.


الصفحة التالية
Icon